الاثنين، مايو 27، 2019

ذكرى مختلفة 😁



تعود هذه الورقة إلى عام 1428هـ في اليوم الذي ختمنا فيه القرآن في المعهد، وتلك لحظة يتمناها كثيرٌ من الناس، وعندما قرب الختم أحببتُ أن أصنع فيه شيئا مغايرا لي ولصديقاتي (بعد تحريض من صفية) ليكون لهذا اليوم ذكرى مختلفة، وقد كانت كذلك فعلا 😂😂😂
في ذلك اليوم غيرنا نظام الكراسي لتكون متراصة على الجدران ونرى بعضنا جميعا، ثم وضعت على السبورة هذا الجدول، الذي فيه أسماء السور، ورسمته بكل عناية بعد أن اقتطعت وقتا من الفسحة لإحسان رسمه! واستأذنت من الأستاذة فرضيت بهذا ولله الحمد!
وضعتُ جدولي ورتبت المقاعد وكانت الزميلات سعيدات بهذه التغييرات التي ستجعل لهذا اليوم ذكرى مختلفة وكان بعضهن يساعدنني ويباركن فعلي..
ولم أعِ إلا وإحداهن -وقد كانت غائبة عن التجهيزات- تأتي وترفض تغيير الكراسي، ولم تكن قد لحظت ما رُسم على السبورة، ويبدو أنها عرفت أنني مصدر هذا التغيير، فجن جنونها، وصارت تطيش في كلامها، ورفضت ذلك التغيير، بحجة أنها لا تعرف القراءة بهذا النظام وأنها متعودة على نظام معين! (السور من النبأ إلى الناس إن لم يكن أقل من ذلك!!)، ثم حين رأت الكفّة لا تميل لها، جلست على مضض، فجاءت الأستاذة وبدأنا نقرأ، وكلما انتهينا من سورة بحثت إحدانا عن اسم السورة في مربع كلمة السر، حتى انتهينا إلى كلمة السر (مبارك الختم).
وفجأة أثناء بحث الأخوات عن الكلمات نهضت زميلتنا محنقة غاضبة يتطاير من عينيها الشرر، ثم خرجت من الفصل، في ذهولنا وتعجبنا!! وإذا بها تبكي، وخرجت لها الأستاذة تهدئها، وتجبر خاطرها، وبعد انتهاء الحصة وتمام الختم ولله الحمد خرجت هذه البنت وخرج وراءها من يهدئها وهن من صاحباتي المقربات، فقالت لهن: حسبي الله عليها، أفسدت عليّ فرحة الختم! نحن نختم القرآن وهي تلعب! لم أهنأ بختم القرآن ... فكانت هذه الذكرى المختلفة 😂😁
لن أقول إني لم أتأثر بمصابها الجلل في أخلاقها، وسفولها في التصرف وهي التي تكبرني في العمر والعقل والذكاء، ولكن الله يميز من يشاء بما يشاء! وحقيقة لا أدري أكانت متأسفة على ضياع طعم الختم بالصورة الذهنية المسبقة، أم لأن أبرار هي التي نظمت لهذا الختم، فقد كان لي معها صولات وجولات لا تعدو إلا أن تكون من حسد الأقران، ورغم أنه يقال فيها إنها تطوى ولا تُروى! ولكنني سأروي طرفًا منها سوقًا للتجربة وتحذيرا من الانسياق وراء مرضى النفوس والأخلاق الذين سنجدهم في كل مكان وزمان حتى في يوم ختم القرآن!
مرة من المرات جاءت إلي بثوب الناصح الأمين، وقالت لي: يا أبرار عندي لك نصيحة، أنت عندما تقرئين ترتلين وتحسنين صوتك، وبهذه الطريقة لن تتطور تلاوتك، فلا بد أن تتركي الترتيل وتحسين الصوت لتحسن التلاوة!
تأملتُ في نصيحتها (الثمينة) وقلت لها: أخذت العهد على نفسي أن أحسن التلاوة مع الحفاظ على حسن الصوت ولو تعلمتُهما معا سأتقنهما معا!
وقتها لم يخطر لي ببال أنها لم تكن ناصحة، وإنما لم يكن صوتها حسنا فخشيت أن أفضلها في هذه النقطة، ولم أتوقع ولو للحظة أنها تريد بي سوءا وإنما ظننتُ أنها فعلا تريد بي الخير ولكنها ربما لا تدرك أنه يمكن الجمع بين الأمرين، ولكني بمرور الأيام وتصرفاتها معي وتضييقها عليّ عرفت جيدا ماذا كانت تريد بهذا الكلام.
كانت أختنا لا ترضى أن يسأل في القاعة غيرها، وإن فعل أحدهم فإنها تضيق ذرعا بأسئلته وبكلامه! وبطبيعة الحال لم يكن هناك سائل غيري وغيرها غالبا، وقد ضيقت عليّ حتى ما كنت أسأل إلا لماما، وكانت تقف حائلا دون الحديث مع الأستاذات إذ تخرج إليهن بعد الدرس وتأخذ في الحديث حتى إذا ملّ السائل ورجع المحتاج أو خرج من المكان تركت الأستاذة التي كانت تحدثها، فإن سبقها سابق فالويل له!
وتدور الأيام وتُعين معلمة في شهر ذي القعدة في التحفيظ المسائي، ثم أُعين بعدها بثلاثة شهور تقريبًا في المكان نفسه، ولم يطب لها وجودي، وزاد أذاها وتنمرها، ثم بعد تخرجنا عُينت معلمة في الصباحِ، وعُينت أنا أيضا، فكانت تحتكر معلماتنا وعتبي عليهن إلى يومي هذا بما صنعن تُجاهنا وبخلن علينا بالنصح والتوجيه والاحتضان، وكانت تحاول صدّهنّ عني وعن زميلة أخرى عُينت معي، وتشير إلى ضعف أدائنا لضعف بعض الطالبات، ولم أذكر أني أبغضت إنسانا في حياتي بغضي إياها، ولبغضي إياها كنت أراها بشعة جدا، تشبه القرد وهي لم تكن كذلك للحق والأمانة، كانت جميلة رغم أنفي، وكانت تستعدي عليّ بعض الناس في المكان، ولأن الناس مناخ من سبق كما يقال، فقد أبغضتني على إثر ذلك إحدى المعلمات في فترة المساء، وكانت تؤذيني، وأنا لا أعلم بالسبب، وكانت المطاعن التي تدور عني أن تصرفاتي كالأطفال، ولا أدري ماذا قالت أيضا، ولأن الأخت سابقة المعرفة بي وتخالطني كل يوم في الدراسة فهي مُصدقة فيما تقول عني، ولكن الله جل وعلا دفع عني ذلك كله وقذف محبتي في قلب تلك المعلمة، وصارت تحبني كأشد ما تحب الصاحبة صاحبتها، وأصبحت أختنا التي تحاول تشويه صورتي مهمشة بعيدة عنها بعد أن عُرف (جمال) أخلاقها و(حسن) تصرفاتها، ثم إنها حصلت مشكلة بينها وبين الإدارة استقالت على إثرها، وذهبت في سبيلها.
لا أستطيع أن أخفي سعادتي باختفاء كابوسها، ولن أقول إني كنت الجانب الأضعف الصامت الذي يتلقى الضربات ويسكت، لكني كنت أحاول أن أعاملها بأدب، وأن لا أرد الإساءة بإساءة، وعلى كل حال ذهبت هي وتركت سيرتها في المكان، وقد كانت مجتهدة متفوقة، وكانت أفضل مني علما ودرجات، ولهذا كنت أتعجب من التفاتها لي على وفرة ما تملك من الذكاء والعلم والدراسة والعمر، وأنا على صغر سني إذ ذاك، ومستواي الدراسي الأقل منها، بل وشهادتي الأقل فقد كنت وقتها لا أملك إلا شهادة الثانوية فقط، ومع ذلك كانت تنظر إليّ وتحاربني وتخشى أن آخذ مكانها الذي لم أفكر فيه يومًا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق