الاثنين، مارس 11، 2019

بعد شهرين أو يزيدون

* أحداث هذا المنشور ممتدة من يوم الثلاثاء الموافق لليوم السابع من شهر صفر لعام ١٤٤٠هـ ..

انتهت المحاضرةُ قبل انتهاء الموعد المقرر لها بما يقارب الساعة والنصف، وبقينا نتناقش في بعض المسائل، ثم طُرح علينا تساؤل عن إمكانية الحضور يومي الخميس والجمعة الموافقين لليوم ٩ و ١٠ من الساعة الواحدة ظهرًا وحتى الساعة الرابعة عصرًا، وكانت الإجابة أن لا بأسَ بعد أن علمنا بمقر الحضور لليومين الخميس والجمعة، وكنا ننتظر التأكيد على الحضور لترتيب أمورنا ومواصلاتنا، وبقينا إلى يوم الأربعاء ننتظر ذلك التأكيد فلم نظفر منه بشيء حتى سألت إحدى الأخوات س ٧:٥٥ عن تأكيد اللقاء لترتيب الأمور، فلم تحصل على جواب إلى أن سألتنا مشرفتنا س ١٠:١٥، من مازالت تستطيع الحضور؟
كان لدينا مجموعةٌ أخرى تبادلنا فيها الآراء، ثم ذكرت عدد من البنات ما يناسبها وكنت من ضمن اللواتي أكدن حضورهن ظنا مني أن اللقاء سيكون في المقرّ المعتاد، حتى سألت إحدى الأخوات عن المقر الذي سنجتمع فيه، فإذا هو غير متفق عليه، وإذا هو مكان آخر غير مقرنا المعتاد!
هنا أعدنا التشاور و كتبتُ رسالةً جمعتُ فيها آراءنا واستأذنت من الأخوات في وضعها في المجموعة التي يُنتظر جوابنا فيها، فرحبن بذلك وأيدنني بعد أن وضعتُها، وهنا جاء الردّ قاسيا من الإدارية المساعدة حيث ذكرت أن التراجع في هذا الوقت يسيء للمركز والدارسات والبرنامج!
فردت عليها إحدى الأخوات أن هذا الأمر لا يقدح في الأستاذة، وقد جاءت للعمرة فليس هناك من إشكال يترتب على تأجيل اللقاء أو إلغائه، كل هذا والمكان لم يُحدد بعد!
جاءت الساعة ١:٢٥ ليلا وإذ بنا نفجأ بموقع استراحة في منطقة تُسمى الحسينية، والحسينية لمن لا يعرفها من المناطق النائية في مكة، وهي أشبه ما تكون بالخلاء، منطقة منقطعة بعيدة جدا.
تراجع عند هذه الخطوة عدد من البنات وبقينا طوال تلك الليلة عند جوالاتنا نترقب المكان المنتظر! ونرتجي حل الإشكال.
أسفر الصبح على خبر جديد واعتذار عن المكان البعيد، ووعد بمكان يضمنا وجعلوا أمد الإخبار عنه الساعة ٨ ص فإن لم يوجد مكان حتى ذلك الحين فسيتم تأجيل اللقاء، وبطبيعة الحال لم يجدوا المكان المناسب فزيد في جدولنا أسبوعا، لدراسة هذا المقرر.
يوم الخميس أخطرتني إحدى الأخوات أنها ستستضيف الأستاذة المقررة لإعطاء المحاضرة في بيتها يوم الجمعة بعد المغرب كي لا يكون حضورها مجرّدا من الهدف، ومن باب إكرامها وكي لا تعود إلى بلدها دون أن تقدم شيئا! (رغم أنها جاءت للعمرة)، وفي غمرةٍ مني صدّقتُ ما جاءت به، فقد حلفت لي أنها أرادت الخير والإحسان، وأن ترتب لقاءً وديًّا بيننا وبين الأستاذة، وفتحت بيتها لذلك، فصدّقتُها ومن في موضعي ولا يصدق؟ لكن الذي ضايقني موعد الاستضافة، إذ كيف يحكروننا في الظهر ولدى الأستاذة وقت للاستضافة بين المغرب والعشاء؟ لكنني من باب درء الشر لم أتكلم ولم أقل شيئا، ولكن غيري قالها وحزّ في نفسه، وفي نفوس البنات أيضا، وبدأن بالحديث حول هذه الاستضافة، ولأنني كنتُ الرسول بين المضيفة والبنات لأن المضيفة ليس لديها تطبيق الواتس؛ فقد كنت أذكر لهن الموعد وأجيب عن تساؤلاتهن، وكان لديهن اعتراض على أمور من أهمها تجاوز مشرفتنا وكتم الخبر عنها، فلم تُستشرْ، ولم تعلم بأي شيء.
وضعتُ ما عندي يومها وقد كان يوم الخميس، وجهزتُ نفسي وذهبتُ مع أهلي عند عمتي ولم يكن لدي شبكة نت هناك، وكانت ليلة حافلة ممتعة، وعدنا قرابة الساعة الواحدة والنصف إلى البيت لأجد المجموعة مضطربة، وفيها شقاق ونزاع، وإحداهن غادرت المجموعة، بعد أن وجهت حديثها بشكل عام لمن ينقل الحديث دون أن يكون دقيقا، ودون أن يراعي أمانة المجلس!
علقتُ طالبةً إفهامي سر هذا الشجار، وحوقلتُ وصمتُّ، وفي اليوم التالي وردتني رسالة طويلة من المضيفة تطلبني إبلاغها للبنات فهمت من الرسالة أن هناك من أوصل لها كلام البنات في المجموعة، فتفاجأتُ وقلت لها: من أبلغكِ بهذا؟ لقد كنتُ حريصة على ألا أنقل لكِ أيّ شيء مما حصل، والآن حين آخذ كلامك وأضعه لهن في المجموعة لن يبقى في نفوسهن شك بل سيتيقن الأمر بأنني ناقلة الكلام، ولذلك أعتذر عن هذا! فلن أضع نفسي موضع شبهة!
ذهبتُ إلى بيتها بصحبة أمي فلم أكن مطمئنة لذلك الحضور، وحضرنا وحضرت الأستاذة وتحدثت بما فتح الله لها، ثم ذهبنا إلى العشاء في فناء منزلهم، حقيقةً أكرمتنا بحسن ضيافتها وسرّتني معرفة أهلها الكرام.
كانت هناك تطورات شهدتُ بعضها وخفي عني بعضها الآخر، من أهمها افتتاح مجموعة جديدة في التيليجرام بعد رجوعنا وضمي لها من قبل إحدى الحاضرات للّقاء الذي لم يحضر فيه إلا سبع بنات من البرنامج ثامنهن صاحبة البيت المضيفة، وهذا من الألغاز التي لم أعرف لها جوابًا حتى الآن!
كتب في تلك المجموعة كلام من قبل المضيفة يُفهم منه أنها أوصلت وجهة نظر إحدى البنات لمديرة البرنامج التي من الرياض، وقدّر الله ولم أشاهد هذا الكلام إلا بعد مدة.
يوم الأحد علّقت مشرفنا على التنازع، وأنه لا ينبغي منا أن نتشاجر، ويجب علينا أن نصبر ونحتمل بعضنا وتحدثت بما فتح الله لها من كلام لامست به القلوب، وطلبت منا ألا نتصرف من تلقاء أنفسنا وأن يكون التعامل مع إدارة الرياض عن طريقها جمعا للقلوب.
يوم الاثنين جاءت صاحبتنا المضيفة بحالة لا تسرّ، مملوءة حنقًا وغيظا، وكانت تحدثني مزبدةً مرعدة، وحين جاءت مشرفتنا بدأت تسمعها صنوف الكلام الذي لا يقال، حتى وصلت لدرجة المنّ بما قدمت، وأنها لن تخبر أحدًا ليحضر عندها مرة أخرى، وأنها ندمت و .. و .. و ..
وقتها لم يكن لدينا تفكير في حجم ما قيل، ولكن كان كل همنا أن نطفئ النار، وأن نهدئ روعها، وكانت مشرفتنا حكيمة حين قالت: هذا حقك وجزاك الله خيرا على استضافتك فأنتم أهل كرم وليس بمستغرب عليكم، لكن المعنيات بهذا الكلام غير موجودات.
كان يوم الثلاثاء من ذات الأسبوع إجازة لاعتذار المُحاضِرة، ثم جاء الأسبوع الذي يليه ولنذهب ليوم الاثنين الذي قالت لي فيه الفتاة التي نُقلت وجهة نظرها إن هناك إنذارات بالفصل بلغت بها مشرفتنا من إدارة الرياض، وعندما عدتُ إلى البيت راسلتُ مشرفتنا بخصوص أبيات كتبتها عن الأنوثة آخذ رأيها فيها، فكان ردها لي ردَّ المواسي لا رد المعجب المشجّع ووقع في نفسي أني معنية بالإنذار، فسألت الفتاة فقالت: لا لم تقل لي من المنذَرات، ثم لماذا يعطونك إنذار؟ وعلى إي شيء؟ أنت لا تستحقين.
في اليوم التالي نادتني المشرفة وبلغتني بالإنذار الشفهي الذي بلغني بتهمة التحريض على الغياب!! قلت لها: على أي شيء ومتى حرّضت على الغياب؟ قالت: المهم ألا يؤثر هذا على مستواكِ!
كنت أرى وجهها وحده مستندا على كومة من السواد خلفه، ولم أعرف ماذا أقول: تحاملت على نفسي وذهبتُ إلى مكاني ونزّت مني دمعة أخفيتها بالنظر في جوالي وتقليب رسائلي في المجموعة بحثًا عن التحريض المزعوم، ولم تبقَ مؤمنة في ذلك المحل إلا وحاولت تركيب نقل الكلام عليها فلم أطق أن أرى بشاعة الجريمة على وجوههن البريئة، وأنى لي أن أظلم بنات الناس وأسيء الظن فيمن مضى على تعارفنا ما يقارب العام!
كانت هناك أختٌ أخرى تشبهني كثيرًا حتى في بعض أقدارها التي كان منها أن وجه لها إنذار لتحريضها على الغياب أيضا!
عدتُ للبيت وكتبت رسالة مأساوية لمشرفتنا، فذكرت أنها ستحاول إصلاح الأمر، وتنبيه الإدارة على الخطأ الذي ارتكبوه في حقنا، واتفقنا على يوم السبت ليكون يوم لقائنا بمديرة الرياض في مكالمة جماعية نعرف فيها مالنا وما علينا!
ولكن هذا اللقاء لم يحدث لاعتذار المديرة عن ذلك لأسباب يطول شرحها كما تقول!
وجاء يوم الأحد الذي ذهبت فيه إلى المقرّ ضيقة الصدرِ لا أكاد أطيق النظر في وجوه الحاضرات، وكان على وجهي قتامٌ زاده استعدادي لمرض الزكام، فلم أشارك كعادتي بل كنت لا أفهم ما يقال حولي، وكان وضعي وزميلتي لافتا للنظر، فاستدعتني مساعدة إدارة الرياض؛ لتعرف أسباب هذا الانقلاب والحالة السيئة، وحين سألت صدرت كلامها بأنها تريد أن تسمع منا لتنقل وجهة نظرنا إلى مديرة الرياض! هنا فار تنوري وفاض غضبي وقلت لها: لا تنقلي الكلام فلم يوصلنا إلى ما نحن فيه إلا نقل الكلام، وأخذنا نتحدث أنا وزميلتي حتى حان موعد الفترة الأخرى فعدنا إلى مقاعدنا، ولم أكن بحماسي المعتاد، جاء اليوم الذي يليه وزاد وضعي الصحي سوءًا مع استياء نفسيتي، واستدعوني مرة أخرى، كان البارز في الحوار خلال الأيام هذه أنهم يغيرون كلامهم، وتُكذّبُ المساعدةُ مشرفتَنا أمامنا، ونحن نحسبها من الأخيار ولا نزكيها على الله! فكان قلبي يوجعني على نفسي مرة وعلى مشرفتنا مرارا.
ألقينا في اليوم الذي يليه ملخصات لكتب كل مجموعة لخصت كتابا وعرضته، كان من ضمنها كتاب مجموعتنا الذي كنتُ فيه أول من قام وقدم ما قدم، ومرّ هذا الأسبوع، ونحن كل يوم نطلب حقنا في التواصل مع الإدارة والاستماع منا كما سمع عنا ولكن لا حياة لمن تنادي...
كان عدد الإنذارات ثلاثة وقد وجه إنذاري وإنذار زميلتي شفويا، وكان هناك إنذار خطي لثالثة لم يصل بعدُ، وحين حاولت الثالثة وهي الفتاة التي نقلت وجهة نظرها ... حين حاولت أن تتواصل مع المدير وصلتها رسالة إلى بريدها بإنذارها بالفصل إنذارا نهائيا!
وكنتُ إذ ذاك مشغولةً بتجهيزات مناقشة أختي التي لم أستمتع بأجوائها بسبب مشاكل ذلك المكان واستنزافه لي ولمن معي!
جاء يوم الأحد يوم مناقشة أختي التي كانت في الظهر، فاعتذرت عن الحضور وكان هذا أول يوم لي أغيب فيه عن البرنامج، والحمد لله أني غبتُ فقد كنتُ مشرقة ذلك اليوم بشهادة صديقاتي في البرنامج اللواتي حضرن وكانت الابتسامة تملأ وجهي ولله الحمد!
في اليوم الذي يليه ذهبتُ إلى الجامعة صباحا لأسلّم أوراقا طلبتها منا د. مريم ، وأنا في مجلسها وبين صاحبات طال غيابي عنهن وغيابهن عني؛ اتصل المسؤول عن البرنامج ليسمع الشكوى ويعرف الحاصل، فسمع ووعد بالاتصال في وقت لاحق لم يأتِ حتى الآن ..
وأذكر أنهم كانوا يريدون الالتقاء بأولياء الأمور وبطبيعة اللقاء كان لابد من كلمة للدارسات، قالت مساعدة الرياض اخترن من تمثلكن لإلقاء الكلمة، فأشارت البنات دون تردد إليّ وهي ثقة أعتز بها وشرف أن يجمعن عليّ، ولكني لم أوافق، وكررت الرفض، ولكن رفضي لم يكن واضحا للبنات، وكانت المشرفة تنوي المحاولة معي، واستخرتُ ربي في أمرين أحدهما إلقاء الكلمة ورفضتُ أيضا...
لم ينتهِ الأمر هنا ففي بيت المضيفة سرٌّ جديد، فقد دعت عددا من اللواتي زرنها مسبقا ووجهت إلي دعوةً اعتذرتُ عنها لارتباطي بدورة ما، ودار بينهن في اللقاء أن إدارة الرياض طلبت منها أن تلقي كلمة الدارسات.. وفي اليوم التالي أخبرت المساعدة مشرفتنا بعد أن أخبرتْها باعتذاري عن المشاركة؛ أن المدير كلف النائبة (مديرة الرياض) باختيار إحدى الفتيات وقد فعلت، واختارت فلانة، وكان الاختيار صادما، ودون استشارة أو إخطار.
في الأسبوع الذي يليه (أسبوع العقوبة) درسنا مقررا لم يكن في جودة ما نصبو إليه، وختم ذلك الأسبوع بلقاء أولياء الأمور المنتظر، وكان منه أن طلبوا منا ملأ استبانة نذكر فيها آراءنا فذكرناها وكان من ضمنها اعتراضنا على ملقية الكلمة! وإنهاء الوضع السيئ الذي يزداد سوءا وتشعبا كلما طالت المدة.
جاء يوم الأحد وقد اتفقنا على الاجتماع فيه عبر الشبكة مع المديرة، وحين بدأنا نذكر ما جرى ونحاول أن نتفهم صُدمتُ بالتصريح بأن اللقاء الذي كان في بيت زميلتنا لم يكن وديا بل كان رسميا، ثم تهرّبت المديرة من النقاش حول ما جرى حتى غادرت المجموعة مستخدمة أسلوب الاستعطاف لتجعل أسلوبنا غير صائب، وبعد أن غادرتْ الأحد الاثنين الثلاثاء كان يحدث في هذه الأيام لومٌ وعتب، وجاء يوم الجمعة الذي جاءت فيه خالتي وحجزت فندقا عند الحرم وذهبنا إليها وبقيت هناك حتى يوم السبت ثم عدتُ إلى البيت، هناك استخرتُ الله هل أستمرّ أم أنسحب، وكنت أتمنى أن يأتي الانسحاب من قبلهم .. أحد .. اثنين .. ثلوث .. وفي صبيحة الربوع صحوت على رسالة من صديقتي (أبرار) .. ومجموعةٌ ما جديدة .. 
سألتُ صديقتي جاك إنذار؟ قالت: نعم..
فتحت بريدي فإذا برسالة طيّ القيد تزين وجه البريد، لقد رأيتُ فيها ما لم أره في الإنذار، وسعدتُ بها عكس حزني على الإنذار، رغم أني سخرتُ وقتي وتفكيري للبرنامج، ورغم أني أكره عمل المنبت الذي لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع، ولكن! 
كنتُ أراه فرضا وما سواه نافلة فيالتني عددته نافلة وصيرت غيره فروضا
قدر الله وما شاء فعل.


أنشرها الآن في رجب بعد أن انشغلتُ عنها تماما، ولكن هنا يجب أن أكمل الفصل الآخر الذي سمعتُ عنه ولم أره ..
بعد خروجنا لم يعد للمكان حماسُه، وغادرنا المكان فغادره الصفاء، كيف والعينُ تبصر مقاعدنا شاغرة، والنفوس مليئة بما جرى، أكثر من فتاة تراسلني لتؤكد لي ذلك الإحساس المستوحش، وشعور الذي يحضر لينهي ما بدأ ويستثمر ما يتعلم دون أن يكون مستمتعا بوجوده كما كنا أول الأمر, وهذا ما يسوؤني ولا يسرني، ولكنها نتيجة طبعية للظلم الذي مورس علينا.
ومن المضحك أن خالتي أهدتني قطعة (كيك) كتبت عليها مبارك الفصل :) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق