الاثنين، مارس 11، 2019

زودينا!

زودينا من حسن وجهك مادام فحسن الوجوه حال تحولُ
وصلينا نصلك في هذه الدنـــيا فإن المقام فيها قليلُ

صوتكِ يا صديقتي ما زال يتردد في مسمعي وأنت تكررين هذا البيت تعلوك ابتسامةٌ مميزة، وصلينا نصلك في هذه الدنيا فإن المقام فيها قليل، أعرف تماما لماذا كنتِ تعيدين هذه الأبيات وتضحكين !
ونغمك على يا ليل الصب متى غده يتضاعف داخل ضلوعي، ليذكرني بأيام الصفاء...
تعرفين ما أيام الصفاء؟
تعرفين عمق علاقتنا التي لم أجعلها معلقة بتكاثف اللقاءات ولكني ربطتها بقلبي، وأحكمتُ الوثاق من جهتي، وبقيت على ما كنت عليه أكتب أحرفي للحب والصداقة، وأحمل في جنبي ذلك الحب الصادق الذي يتمنى أن يراك بخير دائما..
بخير لا كما تتصورين، ولكن بخير من كل النواحي.
أخرج من غربة إلى غربة جديدة، وفي كل يوم تضيق علي مساحة الألفة معك، لم أكن أتوقع ولو للحظة أنكِ ممن يتأثر، لأني مؤمنة بقوة شخصيتك، وأرى فيك مثالا للصمود أمام حاجات النفس ومغرياتها، لكن تلك النظرة تهاوت ووجدتُك لا كما أعرفك، وكنتِ كما كنتِ ترددين: 
يا فؤادي رحم الله الهوى ... كان صرحا من خيال فهوى

أنا لا أمتلك ذاكرة فولاذية، ولكني أتذكر ما يؤثر فيّ وتنصقل ذاكرتي تلقائيا بكل رؤية متجددة, لا أزال أذكر دمعتك المتسللة من بين هدبك لتعلن استسلامك للذكرى الجميلة.
كنت أنا وأنت آخر الداخلات لقاعة الامتحان، حتى بعد التنبيه، كنا نجلس في تلك الزاوية المربعة احتفالا بالجو المغري لا لنشرب الشاهي والقهوة ولكن لنذاكر المعلومات المبعثرة هنا وهناك، وكنتُ ألخص معك أهم ما يمكن استذكاره، وكنتِ تستمعين بشغف لتتفاجئي أن أغلب ما تذاكرناه كان ماثلا في ورقة الامتحان.

كان خطئي أنا أنني تعاملت بطبيعتي الكاملة، وبحبي الطفولي، وصفاء قلبي، لن أقول إنك خذلتني، فلقد صنعتِ ما مكنتك أنا منه، وتركتُ لك الباب مواربًا، ولم أتخيل ولو للحظة أن الذي جرى سيجري، ومع ذلك أتيتُ أحمل عذري لك وأسأل، علّ خطأ ما جرى دون أن تدري، وليته كان خطأً ...
هنا شعرتُ أني غريبة، وأنه يجب علي أن أتوقف عن حماقاتي وتلقائيتي معك، وأن أسلك طريق التكلف الذي يقتضي بأن تصبح العلاقات رسمية، وأن تكون الصداقة صورية، ووساما يعلقُ على صدر الوفاء فحسب..

ودّعَ الصّبر محبٌ ودّعكْ
ذائع من سرّه ما استودعكْ
إن يطل بعدك ليلــي فلكم
بـــت أشكو قصر الليل معكْ

حتى هذه الأبيات أذكرها بصوتك جيدا، وأذكر معارضة أحمد شوقي لها بصوتك أيضا, وأذكر كل تلك المغامرات التي صنعناها معا، والمحاضرات التي كنتِ تخرجينني من جوها لنتبادل الحكايا والقصائد، ونتذاكر الهموم الطارفة والتليدة!
أذكر تصويباتك لي على الخاص في تويتر، وإعجاباتك على الانستقرام, وتصويرك بجوالي بعض الذكريات، وأذكر يوم التقينا في أدبي الطائف على مائدة يوم الشعر العالمي، وتشجعنا حتى وصلنا إلى المنصة وشاركت كل واحدة منا بقصيدتها, وإلى الآن أحتفظ بصوتينا ذكرى لا يمكن نسيانها أو تجاهلها.
أذكر تلك الأمسية التي قدمناها معا العام الماضي، وحفل التخرج الذي لحظت تغيرك عليّ فيه! من هنا بدأنا ننسلّ من بعضنا شيئا فشيئا حتى شعرتُ بافتقادك في التغريدات لأفتح الرسائل وأراجع حسابك وأتفاجأ بأنكِ حظرتني ...!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق