الثلاثاء، سبتمبر 11، 2018

لله أنت يا جدي.

نتيجة بحث الصور عن صبر

     حين وقع الخبرُ على أذني كان جدي أول من تمثل أمامي، فبالكادِ جمع أنفاسه ولما يجمعها بعد وفاة زوجه (جدتي💔) حتى جاء الخبر الفاجع وفاةُ أخيه، إنه أثيره وحبيبه وأصغر إخوته وآخر من تبقى منهم، لقد كان الخبر أسيفًا، وآسف منه توالي الموت على أذن جدّي، وهو الشيخ الكبير الذي فتّ فيه المرض ونهش من لحمه ودمه وعظامه.
     لستُ قاسية إلى الحد الذي يجعلني أعدل عن الحزن تجاه الموت؛ ولكن قلبي لم يرمم أوجاعه بعد، ولم ينسَ الرثاء على حال جدي بعد وفاة جدتي، رغم تجلده واصطباره، ولذلك كان هو مصيبتي التي أشفقتُ عليها، وكان قلبه وجهتي التي خشيتُ عليها، لكن ظني وخوفي كان خائبا عندما قصد إلى الجبل الشامخ والإيمان الراسخ فيما أحسبه!
     جدي رجل مؤمن وهذا يكفيه ليكون علمًا شامخا، فكيف إذا جمع إلى ذلك سماحة الخلق، وحسن الأدب، والإحسان إلى من حوله، وصلة القريب، ومداومة قراءة القرآن آناء الليل وأطراف النهار حتى خبر وفاة جدتي جاءه وهو يقرأ القرآن ولعل هذا هو السر في ثباته.
     إن جدي لرجل عظيم، كم مات له من عزيز وكم تعرض لأذى وابتلاء، وكذلك المؤمن يبتلى، ماتت ابنته وهي ابنة أربع سنوات فلم يزد على الصبر، مات أبي في شبابه وله صبية صغار فلم يزد على الصبر، ومات قبل أبي بيومين حفيده الشاب ابن بنته، فلم يزد على الصبر وأداء الواجب، ومات أخوه الكبير، فلم يزد على الصبر، وماتت أخته التي تصغره بعد معاناة مع المرض، وماتت بعدها بعام أو عامين حفيدته ابنة عمي ومات بعدها بعام زوج ابنته، وماتت جدتي في ذي القعدة، ومات أخوه آخر ذي الحجة فلم يزد على الصبر، جبلٌ في أديم رجل، شموخٌ يتقاصر الشموخ أمامه، كل أولئك يقبرهم بيديه، ويهيل التراب عليهم.

     عظّم الله أجرك يا جدي في وفاة أخيك، عظم الله أجرك في فقد عافيتك، وأحسن الله خاتمتك كما أحسن أولك، وعظم أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك، وإنا لله وإنا إليه راجعون!

هناك تعليقان (2):

  1. ��.. مصير لا بد منه!
    والله حسبنا ونعم الوكيل.

    ردحذف