الاثنين، مايو 07، 2018

|| أوّلُ الشذى ❤ ❤

نتيجة بحث الصور عن للذكرى   

لقد كان برنامج صناعة الوعي البدايةَ الفعليّة لصناعةِ وعيي أمام قضايا كنتُ أنكرها ولكن لا أعرف إن كنت محقة فيها أو لا، لأن الصمت السائد تجاه بعض القضايا ينبئ بالقلق، وكان اهتمامي بقضايا المرأة يكاد يكون سطحيا، لكني كنت كثيرة التتبع للقضايا التي تظهر على السطح، بغض النظر عن خلفياتها الفكرية وتوجهها، غير أن غالبها كانت أمورا تصب في بوتقة معاداة الدين أو إضعافه، أو تتصل بالأدب والتعدي على حرمات الدين من باب المجاز!

    وعندما انتهينا من ستة أيام في صناعة الوعي، وجدتُ نفسي بحاجة إلى المزيد، أضيفوا إلى ذلك موجة التغيير التي يحار فيها الفكر، أحق هي أم باطل؟ هذا ما أشعرني بالحاجة الماسة إلى العلم الشرعي، حتى كدتُ أن أنعى السنين التي قضيتُها في ملاحقة الخطة والبحث ومتطلباته، وكدتُ أن أرتّل آيات الندم على الأيام التي سلفت دون ارتباط حقيقي بالعلم الشرعي بكافة فروعه.

    وحين بدأ النداء والحث على الانضمام لدورة اليوم الواحد، في أكاديمية الصديقة شعرتُ أن هذا طوق أمان ينجيني من غمرات الحيرة التي تكاد تبتلعني، رغم أني لست جاهلة بديني، ولا بفروعه فضلا عن أساسياته، فإن النسيان آفة العلم والانقطاع بريد الحيرة، وسبيل للتبديل والتغيير، لكن هذا المكان لم يفِ بحاجتي، وكدتُ أن أتركه لولا أن منّ الله علي بوجود أمي وأختي، فرأيتُ أن انسحابي لا يعني إلا كسلي، وتضييعي للفرص، فالمواصلات التي تعيقني كل مرة ستتوفر بكل سهولة لوجود من يصحبني في الطريق، والجو المطلوب إشاعته في المنزل للوفاء بالمطلوب سيكون موجودا لأن كل من حولي معي، بل حتى النوم الذي يقطعني عن أهدافي كثيرا على محاولاتي غير الجادة لمحاربته سيكون غير لذيذ لأني سأشعر بتأنيب الضمير لا محالة، فجعلتُ تلك الفرص فيصلًا بيني وبين الانسحاب.

   وأتيحت هنا لي فرصة الالتحاق ببرنامج نوعي يسمى: "حياة" هذا البرنامج جاء بعد مناقشتي بشهرين، وهذا يعني أن كل حجة كنت أتذرع بها قد زالت، إلا حجة واحدة، وهي حجة المواصلات، ورأيتُ حث الأستاذة هناء للمشتركات في دورة صناعة الوعي على التسجيل في هذا البرنامج، الذي هو عبارة عن دبلوم سنتين بواقع ثلاثة أيام في الأسبوع، فأحسستُ بثقلها، وطول وقتها، وفي الوقت ذاته تذكرتُ حاجتي للتعلم، ثم وسوست لي نفسي والشيطان بمتعي الوقتيّة، وأني بحاجة للاستجمام بعد "مشقة" البحث، ولقد وضعت كلمة مشقة بين قوسين لأنها تحتاج إلى نقاش طويل!

    حين شاهدتُ الدّعوة والحثّ ونازعتني نفسي وحبها للراحة، كتبت عذري الذي لا مناص منه، لعلي أن ألقى حلًّا، وللحق وضعته لأني تقطعت بي الأسباب، فقد كنت في الفصل الماضي (الفصل الأول من عام 1439هـ) أداوم كل أربعاء في مؤسسة آمنة الوقفية، وكنتُ إذ ذاك مسؤولة عن تدريب فتيات في مرحلة المتوسطة على مسارٍ موسوم بالمسار العقلي واللُّغوي، وكان يومًا واحدًا أتعبني وأتعب والدتي معي، إذ كانت تصحبني وتجلس لانتظاري حتى ينتهي الوقت، ولم يكن هذا شأن الاتفاق الأول، فقد وافقتُ بناءً على وجود أخي الذي وجد عملا في جدة وتركني أواجه المصير :) وقد زينوا لي بأن المواصلات متوافرة لكنهم في النهاية اعتذروا عنها، لا شك أن المشكلة كانت هي المواصلات، ولا تأمنُ أمي على تركي مع أي سائق وحدي، فبثثت شكواي في مجموعة الإعلان | أواجه مشكلة حقيقية في المواصلات | 😫

    ووضعتُها وظننت أن هذا مبلغ عذري وتفاهمي مع ضميري في إضاعة هذه الفرصة، وبقيتُ أيامًا، حتى جاءتني رسالةٌ أيقظت الأمل في نفسي وأشعرتني بقدر المسؤولية: "المركز سيوفر لك المواصلات"، أحسستُ هنا أنني أمام تحدٍ كبير، ووافقت فورًا دون  ترددٍ على الالتحاق بالبرنامج، فما الذي يمنعني من ذلك؟ وما عذرُ إعراضي عن الحضور؟ الوقت الطويل؟ سينتهي، العامان؟ سيمران إن كنت على ظهر الأرض سيمران، ثم ما الذي سيملأ وقتي في هذين العامين لو لم ألتحق بالبرنامج؟ الاستعداد لمرحلة الدكتوراه والدراسة؟ لا أعتقد أن الدراسة ستعيقُ طريقي، ثم عسى أن أُقبل أولا في الدكتوراه ولكل حادث حديث!
   
    كان اللقاء الأول هو اللقاء التعريفي، الذي أقيم يوم الإثنين الموافق لـ 26/ 5/ 1439هـ، وكان لقاءً جميلًا اتضحت فيه ماهية البرنامج والمواد التي ستدرس فيه، ومدّته الفعلية، وانتهى اللقاء على ذلك، وكنت قد سألت سؤالا لأعرف هل لي مكان في هذا البرنامج أم لا، فسألت: كم العدد المفترض التحاقه بالبرنامج؟ فكان الجواب أن هذه شؤونٌ سرية 😅.

   جاء يوم الخميس الذي يحمل رقم 29/ 5/ 1438هـ، وهو يوم الاختبار التحريري للقبول، وكانت الأسئلة متنوعة شاملة وفيها نوع من التخصص، تناولت العقيدة والفقه وأصوله واللغة العربية والثقافة،دخلتُ واختبرتُ والحمد لله، وكنتُ بعدها أنتظر رسالة تشعرني بالنتيجة إما على الواتس أو على بريدي، لكني لم أجد شيئا، حتى أخبرتني الصديقة فاطمة بوصول رسالة بقبولها، وكانت تريد مشاورتي في شيء يخص البرنامج، فظننتُ أني لم أقبل 🙈 وهنأتها بالقبول، ثم فتحت غير الهام في البريد لأجد الرسالة قد وصلتني هناك، وعرفت أن موعد المقابلة يوم الاثنين الموافق 2/ 6/ 1439هـ.

   كان يوم المقابلة حافلًا فقد تعلمتُ فيه عددا من الدروس في الحياة، تلك الدروسُ كانت هدايا لم أكن أتوقعها، وصلت على مقربةٍ من وقت الامتحان، ولعل اسمي الذي يتماشى مع الترتيب الألف بائي جعلني أخوض غمار المقابلة أوّل واحدةٍ، وليس هذا أول الأمر، فقد اعتدتُ أن أكون كذلك بسبب اسمي حتى علمني اسمي الإقدام :)، دخلتُ وكان في المقابلة مشرفة البرنامج الأستاذة هناء، والأستاذة وفاء العيسى، في شطر النساء، و د. فؤاد العبد الكريم، و الشيخ سعيد الصاعدي في شطر الرجال، طُلب مني التعريف بنفسي، وأنا في هذا الجانب عيِيّةٌ حيِيَّةٌ لا أجيد التعريف بنفسي، وفي كل مرةٍ أقول شيئا مختلفا، رغم أن هذا السؤال عماد كل مقابلة، وكان السؤال الذي يليه حول الدافع الذي أزّني للاشتراك في البرنامج، ثم ورد سؤال كان من أعجب الأسئلة التي مرت عليّ في حياتي، وهو أنني التحقتُ بالبرنامج بغية الجاه والشهرة! وبقدر ما أضحكني السؤال شعرتُ أنه موجعٌ في الآن ذاته لأن النية تحتاج إلى معاهدة، ولأن وقوع الإنسان في هذا الشِّراك غير مستبعد ولا ناجي إلا من نجاه الله! ثم سئلت عن اختياري لو عارض هذا البرنامج دراسة الدكتوراه هل سأترك البرنامج؟

     مضت المقابلة، وخرجتُ لأكون فريسة للسائلات :) كل منهن تريد أن تعرف فحوى المقابلة، وعلامَ تدور، فأجبتُ بما يُستطاع وما تذكرتُه، غير سؤال الفخّ لأني اعتقدتُ أنه سيعيده على غيري، فآثرتُ كتمه ثم كان توقعي في محله، ولم أقله لهنّ عن شحٍّ ولكني أردتُ ألا أفسد على المُفاجئ والمفاجأ، فحين تتلقى سؤالا يراد أن يكون مفاجئا وأنت تتوقعه تنخفض نسبة اندهاشك، بل تكاد تنعدم، ويكون المرء متعقلا للجواب، فيجيب بصورة مثالية أكثر من كونها صورة واقعية فتفسد إرادة السائل، وينعدم استمتاع المسؤول.

     وهنا كان وجهي جاهزا لتلقي الدرس الجديد الذي ما كدتُ أفرغ منه في المقابلة حتى وجدته مطبقا أمامي، وعلى أني لا أحب أن أذكر المواقف السيئة من الناس الذين أحبهم؛ أجدني مضطرة إلى تسجيل هذا الموقف حتى يظل أمامي وأتربى به، فلعل الآخرين يخطؤون لنتربّى، ويقعون لنقف، ويعمون لنبصر، وهذا إذا ما استفدنا من تجاربهم جيدا، أيا كانت هذه التجربةُ معنا أو مع غيرنا، تنبهوا لخطئهم فيها أو لم يتنبهوا، الذي حصل أنّه أُثنِيَ عليّ من شخصية ما، وتعجبت من أن هذه الشخصية تعرفني فضلا عن أن تثني عليّ، وقد كنتُ حريصةً على كتم هذا الأمر، فلا داعي لذكره، خاصة أن الموجودات لسن على علاقة عميقة معي، بل بعضهن لم أتعرف عليهن إلا في ذلك اليوم، وحين ذهبنا إلى إحدى الأستاذات الموجودات، أنا وأخرى معي وقد أجرينا المقابلة الشخصية، وقصصنا عليها ما جرى، قالت التي معي إن الشخصية (التي أثنت علي) لم تتحدث أبدا، فذكرتُ أنه تحدث، وذكرتُ تعجبي من أنه يعرفني، فلم أنتبه إلا والأستاذة تتحدث بحديث عجيب، وفيه أنه عرفني لأنني شاركتُ معهم في أوائل الأيام، أنا وشخصيات أخرى، لكن هناك فئة جديدة قادمة بقوة وجعلت تشير بإبهامها وبقية أصابعها مقبوضة إلى الفتاة التي كانت معي، ثم كأنها تنبهت لخطئها، وعادت لتذكر تكرر الثناء علي من هذه الشخصية، فما وجدتُ نفسي إلا أن أقول لها: الله يثني علينا عنده في الملأ الأعلى، ولم أجد في نفسي عليها شيئا وأكملنا الحديث، وحين خرجتُ بدأت أسترجع الموقف، وكيف أن حديثها لم يكن موفّقًا فقد كان جارحًا بالنسبة لي وللفتاة التي كانت معي، فما أنا بالتي أتفاخر بذكر الشخصية لي، ولا التي كانت معي بالتي تترقب ثناء الناس عليها (كما أحسبها) فلأي شيء تحدثت؟ وأي نفسية أرادت أن تطيب؟ وما قيمة كلامها أمامَ كلامي، وكأنها تريد أن تقول لي: لا تفرحي كثيرًا بهذا الثناء، فلستِ الجديرة الوحيدة، بل هناك من يفوقك، أنت فقط كنتِ محظوظة بالمرحلة، واكتسبتِ الشهرة بالوقت، غيرك سيحقق ما حققتِه وأكثر وستثبت الأيام ذلك. وأكاد أجزم أنها لا تعني هذه الكلمات بهذا التفصيل، ولا بالإجمال حتى، ومعرفتي بها وبأخلاقها تحتم علي استبعاد مفهوم المنطوق، ولو أنها قالت ذلك لم تكن كاذبة، فسنة الحياة تقتضي أن يتفاوت الناس، وأن يتفاضلوا، ولا ضير في ذلك، لكن التعبير خانها في توجيه الموقف الذي لم يكن يحتاج توجيها، وقد كانت تريد أن تسوغ صمت الشخصية عن التعليق على الزميلة التي كانت معي فلم تُسوغ ذلك، ولم تزد على أن آذتني وأحرجت الأخرى دون أن تقصد! المهم أنني ندمتُ على قولي لهم، وقد كنت قلته بدافع حبي وأريحيتي.
(اجتنبت الأسماء لأنها عزيزة علي)

نواصل السير إلى برنامج حياة، الذي انتهى بمرور يوم مقابلته موقفٌ من المواقف التي علقت في الذاكرة، وقد كان مسبوقًا بمواقف أخرى، من شخصيات أخرى ومكان آخر، أتركها للحديث عنها في منشور مستقل.
جاء يوم 9/ 6/ 1439هـ، وهو يوم من الأيام التي انتظرتها بفارغ الصبرِ، لأنه اليوم الأول الذي ستوضع فيه الخطوط تحت السطور، فنتعرف على السائق الذي سيتكفل بإيصالنا، ونتعرف على خطة السير، ومن سيكون معي في رحلة المشوار، وكيف سيكون الوقت، وكيف ستكون إجراءات الدخول، وأين سنجلس ومع من؟ ولا أنسى هنيدة حين قالت لنكن معًا في المجموعة نفسها أنا وأنت وأفنان، فكنت أنا وهي في مجموعة واحدة، ولكن أفنان تأخرت فلم يكتب لها أن تكون معنا.

مضى اليوم الأول وكنت فيه أراقب الوقت، والبدء والانتهاء، والحاضرة والمتأخرة، كأن الله وكّلني بهذا ههههههههه، ومن أجمل المفاجآت التي حظيت بها أن تكون معي وفي مجموعتي فاطمة باخضر، ومعي رفيقات الطريق :) نوسة وفطوم، ومعي هنيدة كما سبق، ومشاعل العقل، ونورة القرشي، هذا فيما يخص مجموعتي، وإلا فإن في البرنامج العديد من الأخوات الفاضلات منهن من كانت معي في صناعة الوعي كأروى أورفلي، وأماني العوفي ورزان العقلا، ورؤى وعبير وغيرهن ممن كنت أعرفهن مسبقا كأسماء حبيب وأختها شيماء وعائشة محمد، وفوجئت بأن أخت صديقتي فاطمة الشريف معي، واسمها عائشة، ومعي نورة طالوت وقد تعرفت عليها مسبقا في النادي الأدبي بعد مرات كنت أراها فيها في المهاجرات.

ومر الأسبوع الأول بجمال وسلام، وكذلك الأسبوع الثاني، وها أنا الآن في الأسبوع الثالث وأرجو الله التوفيق.

حُرّرَ أعلاه| الثلاثاء: 26/ 6/ 1439هـ. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق