الاثنين، أكتوبر 02، 2017

لا

كم مرةً كانت (لا) تتسلل على شفتي وتنتظر اندفاع الهواء لتخرج، لتجد نفسها بُدلت إلى (نعم)! وتستمر أزمة المواجهة مع الحدث
لقد جاء الموعد الموعود، ولستُ متهيئة نفسيا للّقاء الموعود، لو أنني قلت لا ألم يكن أفضل لي؟! 
أترجل إلى المكان بعد أن دفعتُ أثمانا باهظة من جيبِ نفسيتي بعملات متعددة الخوف والقلق والتحفز والترقب والاكتئاب وكثير من ذلك أو بعضه حتى كاد جيبُ مشاعري ينفدُ من كمية ما دفعت!
وبعد أن وصلتُ إلى هناك، على موعد غير مؤكد تفاجأتُ أن فلانة التي كانت سـتكون معي قد "اعتذرت" وأخرى تعرضت لموقفي نفسه، غابت عن الأنظار في غير وعد، وبقيتُ وعددٌ ممن وفين بوعدهن لنستمر في استنزاف المشاعر والوقت على حساب أنفسنا!
حقيقة أنا لا أعرف أي وجه حدا بالغائبات أن يغبن، ولا أي عذر تذرعن به، ولكن أن تعلّق أسماؤهن على ناصية الورق الذي لم يحفلن به أمرٌ مروّعٌ لي على الأقلّ!
في محفل لم تمتلئ به الكراسي، وتسربَ منه الحضور الواحد يتلوه الآخر دون أن يحدث ضجيجا أو يرفع يديه ليطلب الإذن، ليأتي دوري وقد خلت القاعة إلا ممن نظّمن لهذا اللقاء أو كُنّ ممن يجب أن يمكثن إلى آخره.
عشرة مقاعد متفرقة هي التي تحمل أشخاصا من بين ما يربو على مئة مقعد، هؤلاء العشرة منهم من هو حاضر الجسد فقد ذهب بأحلامه إلى أبعد مدى، وآخر رفع سماعة الهاتف، أو أخذ يتبادل أحاديثَ جانبية مع من يجاوره.
كم يبذلُ المسؤولون من جهد كي يقيموا اللقاءات المفيدة، وينيروا دروب المتعلمين، وفي الوقت ذاته لا يوجد تجاوب من أقطاب المتعلمين لمثل هذه اللقاءات، كهذا اللقاء مثلا!
وحين تجد أهل الاهتمام حضروا فأنت بين سؤالين اثنين، هل هو حاضر للمعرفة وحدها وأخذ الخبرة وتبادلها والاستفادة من تجارب الآخرين حقا؟ أم له مشاركة أو لأحد من يعز عليه مشاركة وقام بدعوته؟! لن أجيب على أي من هذين السؤالين لكن الغالب على ما رأيتُ من الكراسي الشاغرة أخبرني أنه لا يحضر الحاضر إلى هذه اللقاءات إلا ليصفق بكلتا يديه لمن يحبه ثم يولي ظهره أو "يدي الباب" كما يقال!
أما الجهات المنظمة لهذه الفعاليات فلا يحسنُ بي أبدا أن أسيء الظن بها وأقول إنها ما فعلت ذلك إلا لتسجله إنجازا في سجلات أعمالها السنوية، وتتركه كورقة في ملف في خزانة تزين أرجاء المكتب، ولا يصح لي أن أقول عن الذين شاركوا فيها أنهم شاركوا طمعا في نيل الشهادات الرافدة في المجال، فهذي أمور مردها للمقصد والنية ولستُ موكلةً بفتح خزائن الأسرار، ولا لي القدرة على شق القلوب والاطلاع على خباياها.
لكني وبكل ثقة متأكدة من وجود عزمٍ على نشر الخير والسعي لاستصلاح الطالبات في أي مرحلة كُن، لتكسر الحواجز بين الطالبة والتجربة المراد لها خوضها، لأنها وبكل بساطة تجربة، واجتهاد، وله نتائجه مثلما له مقدماته وأسبابه ودوافعه.
ولبذل مزيد من التفاؤل ومزيد من حسن الظن سأجرد ما سبق عن كل شيء من حظوظ البشر ولعل في الكراسي التي امتلأت بركةً أندى وأجمل مما لو امتلأ المكان بمن لا حظ لهم إلا العبث بإنجازات الآخرين وتعميتها وإعقامها.
لكني وبكل أسف وأسى أنعى على نفسي تلك المجازفة النفسية التي حظيت بورقة في آخر المطاف تحثني على المسير، ولا تخبرني بسلامة الدرب! وليتني قلت: لا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق