
نادِ بصوتك مجلجلا وقل: أنا الراحلة، أنا الراحلة.
نعم أنتَ الراحلة، فإذا لم تكن أنت الراحلة فمن الذي ترجوه أن يكونها؟ والحال في هذي الحياة ما بين مدِّ الطغيان وجزرِ الإيمان، والناس غرقى في طوفانِ الهوى، وإلحاح المادة، متأرجحين ما بين وجدانٍ متهالك، وروحٍ متشائمة، وشح مطاع ، وهوى متبع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه!
تأكد أنكَ لستَ رقما يزيدُ عدد النسمات في القارة والدولة والمدينة التي تسكنها، أنتَ رقم قد يحقق فارقا كبيرا في فضاءات الحياة الواسعة، وحتى تتفهم ذلك راجع فيزياء الحياة التي تؤكد أن للأشياء أثرا مهما صغُرت.
أوقف أحد العلماء في تجربة له قطعا متفاوتة في الحجم والطول، مرتبة حسب الحجم الصغير فالأكبر ثم الأكبر وهكذا حتى تنتهي تلك القطع بقطعة كبيرة ضخمة لا يمكن أن تهزها القطة الصغيرة التي في أول الصف، ولكنها استطاعت أن تسقطها عندما فعلت ما بوسعها، وهو أن تدفع من أمامها.
مملكةٌ عظيمة كمملكة سبأ اليمنية، لم يكن عندهم ما يتعبهم أبدا، بل كانوا في رغد من العيش وظل ظليل، كان لديهم سدٌّ عظيم اسمه سد مأرب، هذا السد لا يتخيل أحد أن سبب فساده قد يكون من أخس الأشياء وأدناها، إنها الفأرة، قرضت السد حتى أحدثت فيه خللا فتدفق الماء وانفجر السد وانهارت المملكة وتفرق العرب في أنحاء الجزيرة.
لم يهن النمرودَ إلا بعوضةٌ أو ناموسة دخلت في أذنه فلم يكن قادرا على النوم أو الراحة حتى يضرب بالنعال على رأسه، هكذا أمور يسيرة، وأشياء حقيرة أو صغيرة تطيحُ بمملكة أو تهين سلطانا.
لَا تَحْقَرَنَّ صَغِيْرًا فِيْ مُخَاصَمَةٍ
إِنَّ البَعُوْضَةَ تُدْمِيْ مُقْلَةَ الأَسَدِ
إِنَّ البَعُوْضَةَ تُدْمِيْ مُقْلَةَ الأَسَدِ
أنت أكبر من هذه الأشياء المذكورة، وتستطيع أن تحدث أثرا، فأعد على ذاتك ونفسك وقل أنا الراحلة، وتذكر أنشودة قديمة حفظناها في الصبا:
فمن للأمة الغرقى إذا كنا الغريقينا
ومن للغاية الكبرى إذا ضمرت أمانينا
ومن للحق يجلوه إذا كلت أيادينا
كن أنت الراحلة بين الناس، وقف على أقدام الحق، وجاهد دونه، حاول لا تتوقف ، واصل لا تتأفف، انجح وبادر وتعلم وعلم، اغدُ عالما أو متعلما، دُلّ الناس، اهدِ الضال، كن واضحا لا تمت في حياتك أبدا، أنت الراحلة، أنت النفع أنت الغيث الذي ينعش الناس سيبُه، فلا تتوارَ عن الأنظار خوفا أو خجلا.
ومن للحق يجلوه إذا كلت أيادينا
كن أنت الراحلة بين الناس، وقف على أقدام الحق، وجاهد دونه، حاول لا تتوقف ، واصل لا تتأفف، انجح وبادر وتعلم وعلم، اغدُ عالما أو متعلما، دُلّ الناس، اهدِ الضال، كن واضحا لا تمت في حياتك أبدا، أنت الراحلة، أنت النفع أنت الغيث الذي ينعش الناس سيبُه، فلا تتوارَ عن الأنظار خوفا أو خجلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق