الأربعاء، أكتوبر 26، 2016

لا أسطيعُ كفهم!

نتيجة بحث الصور عن حيرة

أعرف أني غبتُ عن هذه البقعة كثيرا، لكن ثمة أشياء في الحياة أهم من غيرها تؤخر عن إتيان المحبوبات ! وحتى لا أطيل المقدمات وأسرد الاعتذارات التي لن تقدم أو تؤخر، مادام أن المارين من هنا لا يحسنون الطريق إليّ إلا بإشارة على (google plus) أو بمشاركة الموضوع في: (Twitter) أقول حتى لا أطيل ذلك سأسرد موضوعي الذي أردتُ لأعود لصومعتي المعتبرة التي تصومعتُ مؤخرا فيها رغم أني لا أعلم الجدوى التي سأجنيها من وراء تلك الصومعة غير أني أشعر أن عقلي بدأ يتسع، ولو لم يكن لي من ذلك إلا هذا لكفاني شرفا وتيها!

لا أستطيع أن أكفّهم، ولكني في كل مرة أراهم ينسلخون من أنفسهم التي رسمتها لهم في مخيلتي، أراهم يكفرون بخيالي ويدوسونه تحت أقدامهم بالتعرّي من قيمهم ومبادئهم، باسم العقل و دافع العقل و سلطان العقل! والحقّ أن العقل موضعُ اهتمام ومناط التكليف، فمعنى وجود العقل ليس معارضته للنقل أو تحكيمه فيما يأتي عن الله بل معناه أنه يوجبُ عليكَ ما لا يجب على المجانين ، فإذا أردت أن تنسلخ عن واجباتك باستخدام عقلك فإنك تنزل عن عقلك!
أعود لما ابتدأتُه من كلام وهو أني لا أستطيعُ كفّ أولئك العقلاء عن ارتكابهم جنونهم، ولا أقدرُ على ذودهم عن حياض غبائهم، غير أني إذا نظرتُ إلى غبائهم الموسوم بالعقلانية أكادُ أجنُّ من ضعف تصورهم، وضيق أفقهم، وتلازمني حالةٌ من القلق و يثور (قولوني) كما أنا الآن !
وحاصل ذلك أن من اتبع هواه وأضحى له عبدا زُينت القبائح في عينه حتى إنه ليراها حسنة كل الحسن، ويلبسُ لأمة الحرب للدفاع عنها بكل ما أوتي من قدرة فيسخر من أجلها طاقاته النفسية والعقلية وينام ويصحو عليها، وأظنه يظن أنه يتقرب إلى الله بهذا العمل، والحقيقة المرة أنه يذبح قرابينه للهوى.
  
كنتُ أتعجّبُ كل العجب من استماتتهم في الدفاع عن الباطل، وأتألم من كونهم مسلمين في قعر دار الإسلام وينشرون الأقوال والأراجيف التي تفتُّ في عضد الإسلام، حتى أضحى كلُّ ما أراهُ لديهم سخفًا وحمقًا وهوى، أضحت كلماتهم تنم عن سواد محش (١) بياض قلوبهم وأقام مكانه، وتنم عن حقدٍ تأثّل فيها، فصار الحكم على الأفعال بالقبح والحسن منسوب إلى الفاعلين، فإذا كان الفاعل لأي أمر ممن ينسبون إلى فئة (المطاوعة) (٢) أضحى كل ما يصنع قبيحا في أعين أولاء، حسُن ذلك أو قبُح.
كنتُ أتعجب من عشوّهم عن الحق، حتى استبنتُ حقيقة البصيرة، وأن محلها القلب، وأن الإنسان يبدأ بصغائر الذنوب حتى يصل إلى كبائرها خطوة خطوة ليقع في فخ إبليس (الشرك و الكفر) عياذا بالله، فإذا صار بسببه إلى النار تبرأ منه إبليس.
والذي ما أزال في عجب منه وجود الأعوان لمن يتنكب عن طريق الهدى، في مجتمع مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله! ويكادُ يخنقني الذهول عندما أجد المدائح تلو المدائح لشخص كانت هذه أفعاله، تصب في وحل محاربة الله ورسوله، بأسماء لامعة برّاقة لا تخفى على أولي الألباب، ومع ذلك يصفق لها البعض، والبعض الآخر ـ مثلي ـ  ينكرها في خفاء.
ولكني مهما فعلتُ فلن أستطيع كفّهم عن سُخفهم ما داموا يجدون الأعوان، ويرون أنه الحق الذي لا مرية فيه، فأنا بين مصدقة لأن عيني ترى ما ترى ، ومكذبة لأن قلبي ما زال يحمل حسن الظن سلاحا يحارب كل وسوسة تريد أن تزعزع مكانهم، غير أن جانب حسن الظن بدأ يفقد أدلته، ويضعف وهو الآن يحتضر.


إلى اللقاء :)


------------------------------------------------



(١) محش: مَحَشَ الجلْدَ : قَشَرَهُ عن اللَّحم

(٢) مصطلح مطاوعة درج على ألسنة العامة وحاصله أن هذا الإنسان طائع لربه، ويرد على ألسنة البعض هزؤا لا مدحا، وأنا ضد هذا المصطلح جملة وتفصيلا فلا اللغة تعضده ولا العرفُ الاجتماعي يعضده إنما هي كلمة سوقية مبتذلة تدور على ألسنة الجهلاء الذين يستخدمون المصطلحات بلا وعي
، وذكرتُه هنا لكونه أقرب إلى ما يدور على ألسنة الذين يتحدث المقال عنهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق