السبت، أكتوبر 01، 2016

تجربة



في شهر ذي القعدة خضتُ تجربة عمل جديدة ، تتلخص في عملي مع المهاجرات في قسم ملتقى الفتيات ، وكم وعدت نفسي بكتابة أهم ما أفدته من هذه التجربة حتى إنني أحتفظ بمحادثة بيني وبين إحدى العضوات لأنني لخصتُ فيها كما من الفوائد التي جنيتها .

غالبا ستكون النقاط هنا مائلة إلى ذكر ما لم أكن أتمناهُ في العمل ، وهو وإن كان فيه شيء من الإزعاج إلا أنني كنت أتعامل معه بكل استمتاع واكتشاف وتحفز ، لذا أتمنى ألا يفهمني قارئي الكريم بأني متضجرة أو أحمل في قلبي سخيمة على هذا المكان الراقي ، بل بالعكس أنا في كل حرف أكتبه أراجع مشاعر الحب تجاه هذا المكان المبارك الذي احتواني كما احتوى غيري من الفتيات .

عموما .. معرفةُ رئيسك بميزاتك قد تضرُّك في بعض الأحوال ، وأنا في هذا لا أعني فساد الإدارة إنما أعني أن الرئيس إذا كان يثق بك فينبغي ألا تحمِلُه ثقتُه بك إلى أن يترك لك أمر اكتشاف نقاط العمل بنفسك بل عليه أن يوضح ما لك وما عليك بكل وضوح وشفافية ، أما نظام المفاجآت بالسؤال عن عمل لم تكن تعلم أنه موجود فضلا عن تنفيذه فهذا أمر يحتاج إلى مراجعة ودراسة قرار ، وأنا هنا لا أعني بأي شكل من الأشكال التفويض ، رغم أن التفويض له شروط وأشكال حتى يكون ناجحا .

وهذه المعرفة جعلت موعد الحضور والخروج مغيّبا بالنسبة لي ، فكنت أظن أن الحضور مفتوح حتى المغرب لأني كنت أرى غيري ممن هن مثلي يحضرن في هذا الوقت بلا غضاضة ! إضافة إلى أني سألت صديقتي التي معي وأخبرتني بأن الوقت كذلك مفتوح حتى المغرب ، وتفاجأت يوم كنت مضطرة للتأخر عن الموعد المجهول بسبب حضوري من سفر أن موعد الحضور يسبق موعد حضوري بنصف ساعة . 

في الغالب كان ينبغي أن توضع مهام أسبوعيّة لكل واحدة منّا هذه المهام الأسبوعية قابلة للتحديث عند الطوارئ ، وكذلك لا بد أن يُعطى كل فرد ما يناسبه من المهام ، فمثلا أنا لا أتصالح مع ترتيبات الديكور وما يتعلق بها غير أني كُلّفت بشيء منه في أول يوم حضرتُ فيه :) .

لماذا أقول عن توزيع المهام المبكر ؟! لأنه يعطي بحبوحة وراحة ومراجعات لما بين يديك من أوراق فقد تضيف عملا إلى أعمالك ، وقد تقدم عملا ما وترتب جدولتك بحسب واجباتك ، إضافة إلى أنك ستسعى للتفرغ لما أنت بصدد تقديمه .

العمل الذي قدمناه عمل مسرحي و تنظيم دورات ومعارض ، كان يصاحب هذين العملين أعمالٌ أخرى ضرورية مثل الإعدادات الأولى و كتابة التقارير و جمالية مثل الديكورات والتصاميم ، وكان قد طُلب منا -وهذا شيء ممتاز وحسنٌ- أن نكتب ما نود تقديمه فيما يخصنا من برنامج بالهيكلة المختصرة أولا ثم بالشكل التفصيلي .

 ولأني لم يسبق لي التعامل بهذا العمق في المهاجرات كنتُ أجهل تفاصيل كثيرة ، لا يمكن معرفتُها بغير إفصاح عنها ، فمثلا : كنت أحتاج لعملي تصميما يناسبه ، ولم أكن أعرف الفتيات اللواتي يفعلن ذلك ، عدا اثنتين كان عمل الأيام الماضية علي رأسيهما فلم أشأ أن أزيد الضغط عليهما ، وبدأت مشوار البحث والسؤال و وصلتُ أخيرا إلى فتاة صادف أن كانت هي الأخرى مشغولة بالانتقال من مسكنها ، ثم إنني تذكرتُ إحدى العطائيات البارعات في التصميم وأرسلت لها أطلبها المساعدة ، وبعد أن ألقت عليّ قائمة من الأسئلة التي كنت آمل في نهايتها أن توافق على مساعدتي غير أن محادثتي معها انتهت باعتذارها عن العمل لأنها مشغولة مع الإجازة والأهل ! فرحتُ أسأل عن عطائية أخرى يمكن أن تفعل ذلك ، فأخبرتني زميلة معنا بأن أتحدث إلى إحداهن ، فكتبت رسالة طويلة أشرح فيها مطلوباتي وما يجب أن يكون من تصميمات من أجل البرنامج لكن محاولتي هذه باءت بالفشل فقد كانت وسيلة التواصل مع الأخت المُقترحَة محذوفة ولم تصلها رسالتي حتى الآن ! وعدتُ في نهاية الأمر إلى من كنتُ أفرّ منهما و حصلت بحمد الله على ما أريد لكن ذلك كلفني مشوار أسبوع كامل كان يمكن أن أكون أنهيتُ فيه العمل وتفرغتُ لأشياء أخرى غيره .

أخطأتُ خطأ والأخطاء كثيرة لكن الذي أحب أن أقوله أنه يجب عليك كعامل في أي منشئة أن تطلع رئيسك على تطورات مواضيعك وعملك أولا بأول لأن سكوتك قد يكلفك الكثير ، ولأن رئيستي كانت جيدة فإنها لم تعنفني على خطئي حين لم أطلعها على التصميم بعد أن آل إلى صورته النهائية ولم أشاورها في جماله ، وكنتُ أظن أن هذا ليس من واجباتي :) .

أحيانا يحصل خلل في يومك لأمر يتعلق لخطأ اللحظة فمثلا : كان للبرنامج نقطة نهاية يجب أن يتوقف عندها ألا وهي السحب اليومي وتكون بعده الخاتمة الإنشادية ورغم أن هذا الأمر كان واضحا ، إلا أنه بالخطأ حصل احتشاد على المسرح بسبب دعوة البنات إلى الصعود إليه ، وهذا الأمر أدى إلى ربكة تشبه ربكة اختتام المحافل لأن إنهاء الفقرة كان على نحو يشبه لحظة النهاية .

التأخر في مراجعة الأفكار و وضع الأفكار بلا تفاصيل يؤدي إلى التأخر في الإعداد و يؤثر ذلك بشكل واضح أو غير واضح على اليوم التنفيذي فمثلا : بعض الأفكار تم مراجعتها قبل اليوم التنفيذي بيوم أو يومين ، وهذا وقت ضيق جدا مما أربك العمل على إخراج بعض الأمور وحصل أمر كنت أتلافاه طيلة الأيام وأحاول ألا أقع فيه ولكنني مع كل أسف وقعتُ فيه ، فكنتُ محبطة في عصر ذلك اليوم لأن الوقت اقترب ونقطة المعرض التي هي أهم وأقوى نقطة لم تتهيأ بالشكل بعد ، ومن أسباب التأخر في التهيؤ تأخر عدد من عضوات الإعداد ، انشغال مسؤولة الديكور بأمور كثيرة وبكل الأيام التي سبقتني مما جعلها لا تجد وقتا لتجهيز ما يخص برنامجي !

مما استفدتُه وأرجو الله أن يكون عونا لغيري أن خلل البرامج - الذي لا بد منه - إذا لم يطل المسرح من حيث الضجة والإزعاج فإنه لا يظهر إلا للمنظمين وأقول هذا عن تجارب متعددة فيما يخص هذه النوعيات من البرامج ، لذلك عليك أن تتماسك إذا شعرت بتفلت الوضع من بين يديك وكثرت الأخطاء أمامك فهدوؤك وإسكات توترك يمنحك حسن التصرف وبعد النظر اللذين يصبان في مصلحة البرنامج ويكونان جسرا لحصول الهدف .

هذه التجربة التي عايشتُها كثيرا ، ثم أعدتُ معايشتها مع مركز المهاجرات ، وقد كانت تجربة ثرية أحببتُ أن أسطر ملابساتها ، كي لا أنساها مع قابل الأيام ، فإني أصبحتُ أنسى تجاربي وهذا ليس حميدا ، لذلك كتابة التجارب في مذكرات تمنحك الشعور اللحظي الذي عايشته وتعطيك تذكرة عبور لما سيقبل من تجارب مشابهة .

تم التحرير في آخر يوم من شهر ذي الحجة من عام ١٤٣٧هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق