الخميس، أغسطس 04، 2016

طعنة جديدة ..


كنت بالأمس في مكتبةِ جرير أشتري شاحنا لجهازي اللوحي المسمى بالأيباد ، وكعادتي استوقفتني الكتب في ناحية المكتبة فأخذت أتجول بين أرففها وأنظر إلى عناوين الكتب ، أمسكت بكتاب " أعلنت عليك الحب " لغادة السمان وتنحيت جانبا أتصفحه و جذبتني عبارة لخّصت كثيرا من المشاعر التي تخترقني لحظة خذلان صديق ، أو تغيّره عليّ
تقول :
" الصداقة مشروع حب
والحب مشروع جرح
فهل في صدرك موطن لطعنة جديدة؟! "

أخذت أتأمل العبارة وأعيدها مرة تلو أخرى كي أحفظها فهي تستحق الحفظ والتحنيط في زاوية من زوايا الذاكرة
حتى أستخدمها في الوقت المناسب 
في كل صداقة جديدة أعقدها ، عليّ أن أكرر 
" الصداقة مشروع حب
والحب مشروع جرح
فهل في صدرك موطن لطعنة جديدة"

لم أشأ أن أحفظ بقية العبارة ففيها ما يفسد معنى الصداقة و يدنس قدسيتها أكثر من اللازم ..
لكنها قالت ما لم يقله أحد على أنه يكظمه في قلبه أكثر مما يجب .

أخذت العبارة ونسختُها إعجابا بها ووضعتُها لمجموعة فيها صديقتان من صديقاتي نحن الآن لانزال في مرحلة الحب ولا أعرف هل سيستمر الحب في مشواره حتى يشكل جرحا وطعنة جديدة ؟
رأيتهما تعترضان على هذه العبارة وهذا شيء جميل لكن الذي أراه ولا ترياه صديقتاي مسافة ستة أعوام تعلمني أن ما قالته غادة السمان حقيق أن يقال ، و أن ما قاله د.سعود الصاعدي له حق التوشيم في صدورنا :
كلما امتد في الزمان طريقي
زدت فقرا إلى الصديق الحقيقي

أنا على ثقة أن غادة لم تكتب كلماتها هذه من فراغ بل إنها وجدت مواجد في قلبها حتى ضاق صدرها وانفجرت تسمي الصداقة طعنة جديدة بعد اختصار مسافة الحب والجرح.

ثم إن هناك بعدا آخر وزاوية أخرى أراها تختبئ خلف هذا الكلام ، ألا وهي "مسؤولية الصداقة" فهي ليست لفائف حلوى وباقات زهور متبادلة ولا رسمة يتشارك فيها الأصدقاء ولا ريال يشطر نصفين في كل نصف منه توقعية من كلتا الصدقتين .. لا لا 
و لا حتى كتاباتنا الفارغة المحمومة بحمى الحماس المؤقت 
" لن أنساكِ إلى الأبد" أو " ذكراك ناقوس يدق في قلبي "
أو " أكتب لك بالمقلوب علامة الحب في القلوب " 
"أكتب لك بالأخضر علامة الحب الأكبر " إلى آخر تلك العبارات المعلبة التي كنا نكتبها وما زلنا نرى صغارنا يكتبونها فيما يسمى بالأوتجراف ، الذي أفنينا فيه الأحبار والآن لا نتذكر لمن كتبنا بالضبط من كثرة ما كتبنا وضحكنا عليهم بجميل كلامنا وضحكنا على أنفسنا بادعاء أننا لا ننسى .

مسؤولية الصداقة لا تقف على الشفير ، وليست الوصال الدائم الذي " يغثّ " أحد الطرفين ، و لا التسآل عن دقائق الأحوال .
الصديق قريب في بعده ، حريص على عهده ، لطيفٌ في حضوره ، يستر ولا يفضح ، و يداري وهو ينصح .
 

لا أدري لماذا تجتاحني لحظاتٌ أشعر فيها أني خلوت من الأصدقاء و أني لم أعد أستطيب إلا صداقة ذاتي ، وأن صدري ليس في وسعه أن يحتمل طعنة جديدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق