الأربعاء، يوليو 27، 2016

فكرة موجعة

نتيجة بحث الصور عن صور يد مسنة

على أني أحفظُ سورة الروم وأحفظ فيها تحديدا قول الله تعالى : " الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة " إلا أني ما زلتُ أتوارى ضعفا أمام هذا الضعف ، ويؤلمني أن أراهُ ضعيفا بعد ما كان قويا.
لن أتحدث عن الجبروت و القوة والبطش والكيد الذي يقع فيه الإنسان في ظل فتنته بقوته فلم أنشئ الموضوع من أجله ولكني سأتحدث عن الحزن الذي يعتريني عندما أرى هذا الضعف ، الحزن الذي يجعلني أضحك على نفسي بعدم الاعتراف بوجوده أو بأن الوقت ما زال مبكرا على أعراضه و وهن الشبيبة.
دائما أفكر فيما يفكر به من وصل إلى هذه المرحلة ، وأحاول أن أعيش بعقل عجوز أفكر وقتها في الملل الذي يعتري القلب والركود الذي يعتري العقل ، وتجرد الحياة من معطياتها أفكر في فقدان الأمور معانيها ، وحديث أعمار أمتي بين الستين والسبعين ، أنا في عمري هذا أفكر في الموت كثيرا فكيف بمن بلغ الستين وهو يعلم أن فرصته في الأمل أقل مما كانت عليه في سابقه وأنه قد بلغ رقما أعذر الله إليه فيه !
و أتعجب أكثر أن الإنسان والأمل على علاقة عكسية فكلما شاب الإنسان شبّ معه الأمل ، وشبّ معه أيضا حبه للمال لذلك قد لا تفقد الأشياء معانيها عنده ويضل متشبثا بالأرض يبحث عن الحياة أكثر وعن السلامة وطول العمر ، وأذكر أن عمي حفظه الله قص علي حكاية رجل غني صحيح جاوز الستين يكره ذكر الموت حتى إنه لا يحضر عزاءً ولا يشيع ميتا كل ذلك فرارا من الموت وسيشرب الكأس يوما ما فـ(كل نفس ذائقة الموت ) و ما عن الموت محيد ولو ( كنت منه تحيد) وإن بقي هذا الرجل سليما صحيحا وإن عاش العمر كله .
و رضي الله عن لبيد الذي قال :
ودعوتُ ربّي بالسلامة جاهداً... ليصحنى فإذا السلامةُ داءُ.
كيف تكون السلامة داء وكلنا يطلبها؟ ذلك أنك عندما تعيش سالما معافى فلن تفكر في الموت غالبا ولربما أصابك السأم من الحياة كما قال زهير:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
ومع السلامة سترى الموت بعيدا، والمرض يوطئ أكنافك ويروض نفسك عليه فتستعد له ، هذا غير النظرة السامية للمرض على أنه كفارة و رفعة درجة !
لكني ومع قناعاتي التامة وإيماني بكل ما كتبت من فوائد الضعف و حقيقة الموت إلا أنني لا أنفكّ أحزن ، و لا أحب أن أسمع عن فلان أنه أصيب بالخرف ، أو أنه صار ينسى ويضيع ، لا أحب أن يقع أمامي مع من تعاملت معهم طيلة حياتي على أنهم عقلاء كاملو التصرف موقفٌ يشعرني بأن هذا الإنسان فقد قواه أو تراجعت قوته التي كان عليها .
بل إنني أضعف من ذلك كله ، عندي أناس يجب ألا يصيبهم المرض ( في مخيلتي طبعا ) وعندما يمرضون أخجل منهم ومن نفسي وكأنهم اخترقوا قوانين الحياة رغم أن الذي أتعامل معه بشرٌ ممن خلق الله ، لا أعرف لماذا أنا مصابة بهذا التفكير ، ولا أدري إن كنتُ الوحيدة التي تفكر بهذه الطريقة أم أن هناك من يشبهني ولو في فكرة من هذه الأفكار الغريبة .
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق