
أنهكتنا وسائل التواصل الاجتماعي لهاثا خلفها ، وقد حققت الثروة الساحقة من وقتنا وجهدنا و مثابرتنا ، كل يبحث عن عدد من المتابعين يملؤون العين كي يصبح حسابهم فخما قليل المتابَعين كثير المتابِعين !
نتطلّعُ إلى حصد أكبر عدد من الإعجاب ، و نبحث في العجائب والإغراب ونحاول أن يكون لنا سمة جاذبة أو نصبح نسخا مكررة لفلان وعلان في سبيل البحث عن ذواتنا المطموسة .
و أنا هنا لا أريد أن أعيد كلاما مكرورا أو أن أثرثر فيما يستطيع كل أحد أن يقوله ولكني سأتفلسف وفق تأملي وانعكاس هذه المواقع على نفسي وسأتحدث في إطار الأثر على القراءة والكتابة والكسب وأقصد بالكسب كسب المعلومات والثقافة وسأبدأ بالأخيرة لأنها الأقصر سبيلا .
ألاحظ أن المعلومات التي جمعتها من مواقع التواصل الاجتماعي مقارنة بالمنتديات ضئيلة جدا ولا تكاد تذكر ، لأنها معلومات مبتورة يسودها التشوش والتعاقب وبعض القطع و ربما الانقطاع وذلك يبتر الصلات التي تتشكل في عقل القارئ بين أول الكلام وآخره فتقلل قدر الفائدة مهما كانت المعلومات وجيهة .
أما الكتابة فهي أكثر ما ظلم عندي وأنا أحاول أن أعود للكتابة بشكل أرحب وأوسع كي أوازن بين ما تعودته في ( تويتر - سناب شات ) وغيرها من المواقع التي لا تتيح إكثار الحروف ، و حجم الظلم الحاصل على الكتابة أنه كُسر جناحها بالحصر في حروف معينة صحيح أن خير الكلام ما قل ودل ، ولكن ليس من خيره ما قل ولم يدل فإذا تعودنا أن نتكلم بالكلام الذي نحسبه قليلا دالا ونحن قد تجاوزنا مئات الأفكار التي كان يجب أن يكون لها ولو إشارة من طرف خفي و اختزلت تحت أربعين ومئة حرف لا تسمن ولا تغني من جوع سنفقد تدريجيا قدرتنا على كتابة الأفكار ومناقشتها وسيقل صبرنا مثل ما حصل مع المقاطع التي تزيد عن ثلاث أو أربع دقائق ولن نستطيع تقبل الجلوس على مادة علمية تزيد عن الساعة أو ما يقارب ونشعر فجأة أن الوقت الذي نقضيه فيها طويل قد يضيع علينا الوقت.
إنني ومع طول اعتيادي لسناب شات أصبحتُ أنقر فجأة على الشاشة على أمل أن يسرع المقطع لما يليه ثم أشعر بالحرج وأتمنى أنه لم يلاحظني أحد لأنني وقعت في فخ العادة .
أما القراءة فهي أوضح من أن أتحدث عنها وعن حجم الضرر الواقع عليها فنحن مشغولون بتلك المواقع نتجاوز عن أوقات القراءة وننقصها ونستغني عنها ومع الأيام تصبح القراءة نافلة لا فريضة وتضمر خلايا العقل وتتراجع النفوس وهكذا دواليك حتى لا نرى إلا هذه المواقع ثم نقع في وحل الإدمان حتى إننا نصل لدرجة فتح الجوال وتتبع المواقع بعد كل دقيقتين بلا هدف وبلا سبب .
وغفر الله لتلك المرأة التي تكلمت عن الإنترنت و وصفته ثم قالت : لابد أن يكون لك هدف عند دخولك للنت وألا تتجاوزي هدفك وذلك لئلا تضيعي وقتك . هذا قبل وجود تويتر وفيس بوك وهذه الثلة المتوالدة والتي لا أدري إلى أي نسلٍ ستصل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق