الأحد، أكتوبر 24، 2021

with نكهة


أمر طبعي !

وكل شيء على ما يرام، عندما تستيقظ الصبح على رابط في الواتساب يسوقك إلى تويتر لترى رجلا يتهكم على قناةٍ استضافت إنسانة كان كل إنجازها أنها قالت: with نكهة أو كما يحلو للبعض كتابتها وذ نكهة.

ثم بعد ذلك تساق في سيارة فخمة ويفرش لها البساط الأحمر ويحتفى بها، ويصورها القاصي والداني، وقد حسرت عن شعرها، وتبرجت للناظرين، في مشهد يطلبها أحدهم وهو يصورها أن تعيد الكلمة التي كانت بوابة نجاحها وحصدها المزيد من الشهرة، حتى وثقتها براءة اختراع لا يجوز لأحد استخدامها بلا إذن منها!

كل هذا وعيون المشاهد تلاحق هذه الصورة المنكوسة لهذه الحفاوة البالغة لما لا معنى له، في الحين الذي يهمش أهل الخبرات والكفاءات ولا يلتفت لهم وغيرها من الأمور التي لا تخفى على ذي لب.

وحقيقة اعتدتُ على انتقاد تكرر المواضيع المكررة ولذلك لا أريد أن أتحدث عن هذه النقطة ولا أن أحشر نفسي وأحشر القارئ الكريم في زاوية المقارنة، والمفاضلة لأنه لا وجه للمقارنة أصلا، ولأن الضرب في الميت حرام كما يقال، إذ يعرف عن أهل العقول أنهم يرتجون الخير ممن هو أهل له، ولا يطلبونه عند السفهاء أو أهل الشر والفساد، ولذلك سأعرض صفحا عن هذه الزاوية وسأحاول أن أتحدث عما نفث في رُوعي إزاء الحادثة بعد أن أذكر نفسي وأذكر قارئي الكريم أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة على تقديري وما زال المزيد من الناس يتعطشون لضربة الحظ التي خدمت فتاة وذ نكهة!

كم هو عدد الكلمات التي تسربت إليها مثل هذه الكلمة؟ كلمة قيلت في مسلسل، وأخرى رددتها مشهورة في لقاء، وثالثة حصلت في بث، أو مقابلة أو ما يسمى بـreaction أي رد فعل، وهي مشهورة بانجليزيتها بين الشباب أكثر من عربيتها، وهلم جرا.

ما استرعى اهتمامي حقيقة هو هذا الإنسان الذي يتقبل التفاهة ويبتلع أطنانها حتى تفسد ذائقته بازدحام التوافه في نفسه، وقد كان يمكنه أن يكون شيئا عظيما منصرفا عن هذه التفاهات، مستقلا برأيه ذا طموح وهمة عالية، كان بإمكانه أن يكون مفكرا ذا وعي عال يهزم به هذه الأشكال الطفيلية التي تنمو على نظرات الآخرين، وتتسلق على أكتاف المشاهدات لتثبت حضورها، بلا تفكير، ولا إنجاز، ولا حتى شيء يستحق التشييء! 

من جانب آخر أرى كيف انحسر جانب الكلمات التي تذهب مثلا ذا بال ينفع الناس ويجدون راحة في أنفسهم حين يتمثلون به، لتذهب الكلمات الهجينة مذهب المثل، بلا طعم بلا لون، وأصبحنا نستورد الأمثال من الثقافات الأخرى كما يستورد الطعام والشراب والثياب، وإذا ما نطقنا كلمة ذهبت في الناس كانت كلمة هجينة ممجوجة في السمع والنطق! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق