الأربعاء، أغسطس 29، 2018

رحنا تمشينا وجينا.

نتيجة بحث الصور عن الحج


أنا من الذين حجوا على باص، بلا حملة ولا تصريح، كان ذلك من أعوامٍ مضت، توجهنا إلى نقطة التجمع يوم عرفة، وركبنا الباص، واخترقنا حدود المشاعر حتى استقررنا في عرفات، دخلنا عرفات وهي يومئذ مزدحمة، والشمسُ تلفح وجه الأرض بحرارة الصيف.
ومع حضور موسم الحج هذا العام تذكرتُ تلك الحجة، وتذكرت العجوز التي رافقتنا طوال تلك الرحلة، وللأمانة لم أتعرف إليها إلا عندما وجدتها تصلي الفجر في الباص ونحن في مزدلفة، وقد سدت طريق العبور لأنها صلت في ممر الباص، وبعد أن أنهت صلاتها أخذنا مقاعدنا، وانطلقنا على أن نذهب إلى منى لرمي جمرة العقبة، لكن سائق الباص ذهب بنا إلى نقطة التجمع، ولم نسر حسب الخطة!
عندها بدأت هذه العجوز بالزمجرة وارتفع صوتها وهي تقول بلهجة مكية: إيش هذا؟ إحنا ما حجينا إحنا رحنا تمشينا وجينا، وأخذت تلعن السائق ومسؤولة الباص وأباها، ثم طالبت بمالها وأقسمت أن ترفع قضية، وحلفت ألا تخرج من الباص إلا ومعها مالها أو يوصلها إلى الجمرات كما وعد، وجاءتها إحدى المشرفات لتهدئها، وتطمئنها بأن مالها سيصل إليها لولا أننا جميعا تفاجأنا بإيصالنا إلى هذا المكان بما فينا التي استأجرت الباص، وأخذت ابنة العجوز تتطاول على المشرفة وحفيدتها كذلك، هنا قامت ابنة المشرفة لتدافع عن أمها، فوبختها أمها لئلا تفسد حجتها، فبادرت البنت بالبكاء، وهكذا كان المنظر أمامنا جدال وبكاء وشتائم ولعن وسائق الباص يضحك بعد أن كان أمس يرفع صوته على الحجاج، ويسبهم ويستشيط غضبا من أقل الأشياء، ومع ذلك ضرب الحجاج أروع صورة للصبر وامتصاص الغضب والهدوء.
خرجنا من الباص في هتاف العجوز وزمجرتها واستأجرنا سيارة أقلتنا إلى قرب الجمرات رميناها ثم عدنا إلى المنزل بعد جهدٍ جهيد، نسأل الله أن يتقبل منا، ويغفر لنا ولهذه العجوز وكل من ركب معنا الباص وحجاج هذا العام والقارئين آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق