السبت، يوليو 28، 2018

جدتي

نتيجة بحث الصور عن جدتي


.
.
.
إن من أصعب اللحظات عليّ تلك اللحظة التي أكتب فيها عن أناس سكنوا بين جوانحي وأصبحوا كالجزء مني بعد أن كنت وما زلت جزءا منهم، يسكنونني، يملؤون قلبي أمانًا في هذه الدنيا، يغمرونني بالنعمة ويذكرونني بعطاء الله!
جدتي
أكبر من الشوق وأعلى من الكلام أكبر من أشياء لا أملك الحديث عنها كما أتحدث عن الشمس أو القمر في تعبير الصف الثالث الابتدائي، جدتي التي تفكّر فينا كثيرًا، وتحبنا أكثر، تسأل عنا أكثر من سؤالنا عنها واهتمامنا، ولها في أي شيء مهما صغر دعوةٌ تكافئنا بها، وهديةٌ تستكثر بها قربنا.
جدتي التي توجعتْ لجرح يدي، رغم أني قصّرت في الاطمئنان على عمليتها التي أجرتها في يدها، الجرح عندي مفاجئ، وجرحها مرتب له، لكنني مع ذلك كنتُ الأخيرة في الاطمئنان، وكانت هي الأولى في السؤال والدعاء!
أترقدين على سريرك الأبيض، وتخترق أنابيب التنفس فمك، ويشق أنفك أنبوب الغذاء بلا هوادة، وأجدك راقدة تجاهدين النفس، تكسوك براءةٌ أطهر من براءة الأطفال، نحفك نحن خوفًا وإشفاقا رغم أنا لا نملك لكِ من الشفاء شيئا.
جدتي يقول إحساسي إنك ستعودين لبيتك قمرًا منيرًا كما أنتِ كذلك، مشرقة تنادين بصوتك الجهوري، وتضحكينا بألغازك غير المقصودة، وتملئين قلوبنا دعواتٍ زاخرة!
لم أكن أعلم أني أضعف مني فقد كنت أتحامى النظر إليك وأنت تجاهدين أنفاسك، وكانت كلمتك الأولى في الزيارة الأولى: (مع من جئتم؟) بلهجة غير مفهومة، فقد كان فمك شبه مغلق وأنت تعاركينه كي تخرجي الأحرف.
اليوم افترت فيكِ أجهزة الطبيب، وقبله خرق الطبيب أنفكِ كي يدخل الغذاء من هناك، يالتلك الأتعاب ما أقساها على قلوبنا!
لم أشأ الذهاب لحفلة العرس اليوم، فأي احتفال ذلك الذي أحضره وحالك هكذا، لقد خسف القمر الليلة مرتين، مرة بمرضك، ومرة في السماء!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق