الثلاثاء، يونيو 20، 2017

عنترةُ الأبيض

نتيجة بحث الصور عن عنتر

في اليوم الفريد الذي ذهبتُ فيه إلى الجامعة بعد انقطاع عنها كانت هناك مسرحية يقدمها نادي "لغتنا هويتنا" اسمها "زيارة أدبية لعصور متعددة" والتي أقيمت غرة شهر شعبان لعام ١٤٣٨هـ، وكنتُ متحفّزة لمشاهدة نتاج فتيات النادي بعد انقطاع سنتين عن برامجه وفعالياته بل فعاليات الجامعة كلها تقريبا😎.
وبدأ البرنامج بمقدمات معهودة، ثم انعطف الحديث إلى افتتاحيات المسرحية التي تحمل العنوان المذكور.
اُفتتحت المسرحية بفلمٍ يصور حياة قبيلة بني عبس ويصور حياة عنترة بن شداد بالذات، وفهمتُ أن عنترة عاد مرة أخرى لحياتنا الحاضرة ليتفاجأ بالناس وتغير الأحوال! 😟
ظهر "عنترة" بصورة ليس فيها عنترة، بل كان فيها فتاة نحيلة، بيضاء البشرة لا تشبه عنترة أبدا وقد تقلدت سيفا وتنصّفت المسرح! وعلى المسرح دخلت فتاة أخرى تمثل دور فتى خليجي أو عراقي ويتحدث بلهجته، ولا يكاد عنترة يفهم شيئا، فيعرف بنفسه وهنا يسخر به الفتى فيصرخ عنترة صرخة همجية وكأنه إنسانٌ غبي ليقول للفتى إن لم تتحدث الفصحى قطعتُ عنقك! فيرتعب الفتى ويقول له أسمعني ما عندك! فيبدأ عنترة بالصراخ ويلقي أبياته ويحاول أن يتشامخ بنفسه، غير أن صورته الهمجية تنقلب عليه، فيستعرض عليه الفتى الخليجيّ ما لديه من قصيد، ثم يوليه ظهره ويبقى عنترة على المسرح، حتى تأتي فتاة أخرى فتمثل دور فتى مصري، يدخل هذا المصري وقد بدت عليه علامات التوتر والاضطراب وهو يتحدث اللهجة المصرية ويحصي درجاته فقد كان لتوه خارجا من اختباره، ويتحسر على الربع والنصف في مشهد ساخر ولهجة غير متقنة، ليصطدم بعنترة الذي سأله بهمجية شاهرا سيفه: من أنت؟! فيتعجب الفتى المصري منه ويبادله السؤال بسؤال، ويعاد السيناريو الذي مضى مع الفتى الخليجي، ويلقي كل منهما للآخر قصيدة يظهر فيها عنترة متحديا، ولكن المصري يفعل كما فعل الخليجي إذ يغادر المسرح بحركات يدين تدل على اللامبالاة!
هنا تدخل فتاة ترتدي إزارا وقميصا أبيض، والإزار هنا المقصود به "الصارون"، والقميص عبارة عن فلينة رجالية بيضاء، وهي هنا تمثل دور الرجل الحجازي المكي بشكل أخص، يلقي الرجل على عنترة التحية ويتبادلان الكلام في سيناريو يشبه ما مضى وينتهي المشهد بما انتهى به ما سبق، وبتندر واستسخار على عنترة وكأنه امرئ مجنون، وتعود هذه الفتاة مرة أخرى لتمثل دور رجل سوداني ليس له دور غير أنه نائم على المسرح، يزدريه عنترة وينهره، فيقوم من نومه معترضا متندرا بعنترة وعبلته ثم يعود للنوم مرة أخرى 💔 ...

عند هذا الحد تقريبا لم أطق صبرا على هذه المشاهد البائسة، فلم أكن أتوقع أن تحارب اللغةُ من أهلها، وأنا أجزم أشد الجزم أنه لم يقصد أحد منهم الإساءة للّغة غير أن المشهد هذا نسج في نفسي صورة سيئة عن عنترة، وعن اللغة وأهلها، وعلى أن المسرحية كوميدية إلا أنني لم أطق الضحك على توسيع رقعة الجرح وزيادة بقعة الخلاف..
فأخذتُ نفسي ومن معي وخرجنا.

هنا انتهت متابعتنا للمشهد ولكن لم ننتهِ من محاولة استئصال أبعاده النفسية من نفوسنا! فقد أخذنا نتناقش أنا وماجدة وهي التي كانت تجاورني في المقعد، وقالت لي: لقد ساءني أنهم أساؤوا لميت في قبره لا يُدرى مصيره!
فقلتُ لها: وأنا ساءني أنهم أساؤوا لشعبين عظيمين من شعوب المسلمين! ولو كنتُ أحدهم لما وسعني إلا الخروج أو الاعتراض! المصريين والسودانيين
إذ صُوّرَ المصري على أنه حريص على أدق درجاته وتفاصيل إجاباته وقد كان يفترض أن يكون هذا أمرا محمودا فيهم لكنه عرض عرضا ساخرا مبنيا على سخرية المجتمع في السنوات الأخيرة بشخصية "مصطفى" وليسلم شعبٌ عرف بحرصه على العلم كأشد ما يكون، وهذا لا يعيبه وإنما يعيب من أظهره بهذا الشكل الساخر المضاد للجد😔، ثم صُوّر السوداني على أنه كسول ينام في الطرقات، ولا تهمه حياته أمام إشباع رغبته في النوم! وحاشا لله ما علمنا من السودانيين مثل هذا غير ما يُشاع عنهم وهو كذب، ومن عاشر سودانيا عرف معنى ما أقول!
وظهر عنترة بشكل همجي ساخر، ليس له وظيفة إلا الصراخُ والتفزيع، ويحمل في يده سيفا يريد أن يعمله في رقاب الناطقين بغير لغته، والذين لا يملكون شعرا كشعره! معاذ الله أن يكون كذلك وحاشاه.
وأهم ما جذبني هو أن عنترة أصبح من ذوي البشرة البيضاء أو الحنطية ومن أصحاب الأبدان النحيلة 😂😂😂.


..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق