أصبح كل شيء عاديًّا
مذاقُ القهوةِ التي لم أشربها في حياتي إلا مرة واحدة مكرهة أصبح عاديّا
كل شيءٍ أصبح عاديًّا
حتى الصباحُ الذي يتجدد ليتمدد الأمل في نفوسنا فرحة بعودة الروح إلى الجسد , أصبح أمرا عاديًّا
حتى تلك القلوب التي أودعناها قلوبنا , وسكناها و رأينا في ملامحها تقاربا حسيًّا ومعنويًّا أضحت عادية جدا
أحكام الناس التي تُلقى على عواهنها صارت شيئا عاديُّا , لم يعد يهمني أي شيء على الإطلاق
لقد أصبحتُ بليدةً يا سادة
و "أباركُ إحساسي بالبلادة"
فالحساسية المفرطة تخمةٌ في المشاعر تركلُ الأشياء الجميلة بعيدا عن الحياة وتصور لنا الدنيا ضيقة جدا .
الحياة سادتي أوسع بكثير مما نتخيل , وأرض الله واسعة
ولا بأس بالهجرة .
يبدو أنك تتساءل ! أي هجرة أعني . وحق لك ؛ أنا أعني الهجرة بجميع أشكالها وألوانها , ولكني أخص هجرة القلوب .
القلوب تهاجر , وتغادر وتقطع مسافاتٍ شاسعةً مثل الأبدان تماما
تهاجرُ وتعلو وتسفل , تهاجرُ عن عالمها الأول , تهاجر عن كل شيء يمكن أن يسبب فيها الجراح المثقلة ..
اسمحْ لقلبك أن يهاجر مرة ... ويطوف في هذا الوجودِ الواسعِ
سترى العجائبَ تنسينّك ما مضى ... وتعيدُ فيك من الجمال الضائع
سافر وغادر وهب أنك لم ترَ ولم تسمع , امنح ذاتك البلادة , لماذا نخاف من البلادة ؟
البلادة شيء جميل , وإحساس عذب , نتمناه كثيرا ...
العقول الصغيرة تتأبى على البلادة أما العقول الكبيرة فإنها بليدة حد الترف , بليدة حتى إنك لترى الحياة معها أجمل وأجمل وأجمل مما هي عليه ..
نفوسٌ بليدة تسمع مطاعنَ الفؤاد فتراها مداهن الوساد !
تراك تسبها بأشنع الألفاظ فترد بابتسامة صاخبة تصيبك في مقتل !
تسمع أنهاَ شغلك الشاغل فتتجاهل كل ذلك وتحوّل الصفعة إلى متعة , وترى العداوة صفقة الحياة , ترد ولكن بالبلادة , تُجِدُّ ولكن بالبلادة , تجرح ولكن بالبلادة ..
أما الأشخاص الذين تسببوا لك في البلادة فالشكر لله أولا على أن منحك هذا الإحساس , ثم الشكر له على أعدائك الذين هيؤوك لأن تكون بليدا بامتياز .
أخيرا ..
كن بليدا ترى الوجودَ جميلا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق