الثلاثاء، يونيو 07، 2016

ذات غضب !






يتهيأ لي أني أخطأت في حقك بالنسبة لزوايا قلبي التي تضيق بالألم ذرعا
لكن ذلك لم يكن ليحدث لولا أنك كنت المعتدي الأول !
سيمتد حبل الحقد شنقا لدروبك البعيدة مهما بدوت وديعا وطيبا ، لقد كنت تتجاسر على خصوصيتي كبشر له حق الحياة والكلام والألم ، كنت تحاول إرغامي رغم أنك بعيد كل البعد عن ولايتك علي ، كان قلبك الأسود يتغلغل في أعماقي ليمنحني حقدا غريب الملامح ، حقدا غيّر قلبي الأبيض بشيء من سواده.
من سيمنحني حقّ الماضي الذي تلون بكآبتك؟
ومن سيدفع لي بدلات الوجع والإهانة والتشرد الروحي حين كنت أنزف دموع اللهفة في السبيل لواقعي الأجمل ؟
حين كنت أراني كاملة التصرف ومتلألئة الإقناع كان لا يفصلني عن تحقيق رغباتي الجامحة إلا تدخلك عند آخر صعوبة كنت أجتازها !
و الآن تأتي بكل بلاهة وبلادة لتكون في عيني الأمثل والأجمل ؟

 أتظن أن الطفل ينسى الماضي بسهولة ؟ أو أن أوجاعك لن تخلف كراهية امتدت إلى جيل جديد بريء لم يكن له أي سلطان في شغبك القديم ؟
لقد استمرت حالتي الروحيّة تلوذ باضطرابها وتستنجد بقلقها عندما تلقاك مدعيًا أن بيدك جنة الدنيا وغفران الآخرة ، عندما تترقرق في بذل سؤال كان لها الخيار في أن تقول في جوابه (نعم أو لا ) لكن الغريب أن جوابها آتاك ما لم يؤتِه إياك علمك ومعرفتك وعلو كعبك المُدّعى .
لقد أشحت بوجهك لتخسر نفسك هذه المرة فلم تعد من أمامك تلك الطفلة التي كانت تؤذيها الإشاحة أو تزعجها كلمة لن آخذك مع الأطفال عندما أذهب إلى الملاهي أو يبكيها حرمانها من الحلوى !
لقد كبرت تلك التي تحاول أن تبسط عليها نفوذك وكان لسانها مع كل سنة تعيشها يزداد طولا وكان وجهها الأغر يزداد إشراقا ويلتمع معه اسمها البهي فتزداد في كل عام جمالا إلى جمال .
لقد كبرت تلك الفتاة وأصبحت تشيح عنك إذا أشحت عنها ، وأصبحت تخرج متى شاءت دون أن تصطحب الأطفال معها أو تصطحبك ، أما إذا اشتهت الحلوى فإنها تشتريها بل تعطيك منها كرما وجودا !
متى ستفهم أن عنادك لا يحملك إلا إلى الهاوية وأن تمظهرك بالصلاح والصلة لا يصلح فساد علاقاتك المشوشة ؟
لقد كنتُ ألوم نفسي على كل كلمة نابية تخرج من بين لحيي ، وكنت أتجرع مرارة نفسي اللوامة عندما أخطئ ، لكن ذلك كلف روحي الكثير والكثير كما لو أنني كفرت بعد الإيمان .
واكتشفت فيما بعد أنه كان ينقصني الكثير والكثير لأصل إلى نفسي وإلى قلبي ، الذي ما إن وصلت إليه حتى وجدته مملوءا هو الآخر بما لا يليق به ، وجدته متهاويا متساقطا كأنه الخريف ، منساقا إلى الأسفل لا يصعد إلى السماء إلا في بضع دعواتٍ خبأتها في سجودي بيقين متهالك يؤدي وظيفة النشل من الهلاك   ،  وفي بضع صلوات لا أعلم هل كانت مقبولة أم لا !

رغم أنه ما زال للماضي امتداد في قلبي ، يصعد بي إلى السماء أو يهبط بي إلى قعر الأرض .
أتعقب فيه بقايا النور الشاسعة في البقعة البعيدة أبصر هناك ماءٌ ونار ، ظلمات ونور ، وأرى ذاتي يوما محلقة إلى أبعد سماء ويوما بالكاد أعرف أن ألفظ ذكرا يدفع عني صفة الغفلة !
ربما لم يكن لك يد في هدايتي ولكني أجزم أن لك أياديَ في غوايتي ...
كم مرة حاولت النيل من إنسانيتي بممارستك الوصاية علي !
أتذكر عندما كنت طفلة أو شابة صغيرة تتهرب من الأعمال المنزلية كيف كنت تكيل لي السب والشتائم رغم أنك لست مسؤولا مطلقا عن كوني قمت بذلك العمل أو لا ..
نعم أتذكر ذلك جيدا ..
ولا أنسى أيضا فيما بين الطفولة والشباب فضولك الذي جعلني أسكن داخل تجاويف قلبي الصغير وأتهيأ للدمع عندما ألقيتُ غطائي عن وجهي في طريق سريع لن يراني فيه أحد قلت في فظاظة وغلظة وكأني كشفت سوأتي غطي وجهك ! غطي ورحت تشيع صوتك في جنبات السيارة وصفق لك الجميع وشاركوك الوصاية .
لقد كبرت تلك الفتاة التي كنت تفرض عليها نفوذك قسرا ، وتطورت حالة العناد معها وصارت جدلا عقيما يتمثل في رفضك كشخص أولا وكعقل جامد ثانيا وكروح منغلقة ثالثا وحتى لو كان ما تقوله مقررا في أعماقها إلا أنها تكابر وترفض في محاولة لإعادة شيء من الكرامة المسلوبة والحق الضائع .
كبرت وصارت ترتدي القفازات قبل الجوارب بقناعتها لا بحديثك أنت و تدخلاتك .


لم أكن لأشرح لك ما بقلبي ، ولست أنا من يعتذر عن سوء فهمك لي ، فأنت تعلم أن ما جرى أهون من أن يعرض هذا ويعرض هذا ولكنك اخترته فلتختر إن شئت أن تكون خيرهما الذي يبدأ بالسلام.
لم أعد كما أنا ، ولكنك مازلت كما أنت تهمل كل شيء ولا تنسى أن ترعى الحقد في قلبي أو أن تؤجج ناره الخابية ، وهذا ما جعلني أتضور حزنا على حصول موقف تافه ، إذ إنني لا أحتمل الحقد مطلقا فهو يمنحني عتمة روحية أو يلقي بي في واد سحيق !
وها أنا أمضيت ليالي وأياما لا أبصر قلبي كالمرآة إني أراه ممتقع اللون مهترئا يتساقط مني في كل جزء غاص في حقد أليم .


يوجد آخرون في الكون يلونون قلبك بالحقد بأسرع مما تتصور ، ويدعون الحكمة والمثالية والسداد
يستشهدون بالقرآن والحديث ، ولكنهم مؤلمون مؤذون متجاسرون ، قطاع طرق الخصوصية ، هم أشد ألما وأذى من قطاع طرق السفر !



حُررتْ لثلاث ساعات خلون من الوجعْ ، وبعد شبرٍ ونصفٍ من الأذى ، بتاريخ كرامة تتنغش الحياة !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق